بلاويكم نيوز

الربط السككي بين القبول والرفض

0

بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..

ظل الشعب العراقي حتى الآن هائماً على وجهه وراء سراب المواقف السياسية المتشنجة. فهو يكره إيران لأسباب ودوافع قومية وطائفية، ويكره الكويت لانها في نظره المحافظة التاسعة عشر، والقضاء السليب، ويكره تركيا لأنها وريثة الامبراطورية العثمانية القديمة، ومتهمة بتجفيف نهري دجلة والفرات، ويكره سوريا لأنها تمثل الوجه الآخر لحزب البعث، ويكره السعودية لأنه يرى فيها صورة للتطرف الوهابي المتشدد، ويكره الاردن لانه يرى انها متطفلة على موارده وثرواته. وأحياناً يكره نفسه بعدما تبددت احلامه في زحمة المحاصصة. .
وبالتالي فان الشعب العراقي بأفكاره الموروثة، ومعتقداته المشفرة، يتراقص فرحاً عندما يسمع خطابات التحريض ضد أي دولة من دول الجوار. .
من هنا وجد السياسيون ضالتهم في التلاعب بعواطف الناس من اجل تحقيق بعض المكاسب الانتخابية أو النيابية أو الجماهيرية. وأصبح لكل متحامل (ضد أي دولة) جمهوره وشعبيته وأبواقه. .
لقد اختار بعض النواب التحريض ضد الكويت وضد إيران من خلال خلط الاوراق والتلاعب بالمواقف. واختار آخرون التهجم ضد السعودية وضد الاردن، وتصاعدت هذه الايام وتيرة الحملات الموجهة ضد تركيا وضد سوريا. .
وحتى لا اطيل عليكم ارجو الإجابة على هذا السؤال البسيط بروح علمية صادقة:-
((ما الفرق بين الربط البري مع دول الجوار وبين الربط السككي ؟.))
لدينا الآن منافذ حدودية مفتوحة مع جميع دول الجوار، منها 15 معبر حدودي مع إيران، واربعة منافذ مع سوريا، ومنفذان مع تركيا، ومنفذ واحد مع كل من السعودية والاردن والكويت. وهذه المنافذ تتدفق منها الشاحنات المحملة بالبضائع بمعدل 3000 إلى 6000 شاحنة كل يوم. بينما حركة القطار محددة بنحو 50 عربة في كل رحلة يومية تقريباً. .
فهل الربط البري حلال والربط السككي حرام ؟. وهل يعلم المواطن أنه لم يستفد حتى الان من موقع العراق الاستراتيجي الذي يمكن استثماره في تحقيق اعلى الموارد المالية من استيفاء رسوم النقل العابر؟. .
لقد ارتبطت تركيا وايران والباكستان الآن بخط السكة الحديد الذي يبلغ طوله 7000 كم. يطلقون عليه مشروع (ITI): وتعني اسطنبول – طهران – اسلام آباد. .
وارتبطت بلدان الخليج العربي مع بعضها البعض بخط سككي موحد في مشروع قطار الخليج الذي اتخذ من محطة الرياض نقطة محورية للتحكم بحركة القطارات المتحركة من والى موانئ الخليج العربي وخليج عمان وخليج عدن وحوض البحر الاحمر. علما ان مجلس التعاون عرض فكرة انضمام العراق إلى هذه الشبكة، لكن الحكومة العراقية هي التي رفضت. .
اذكر (من نافلة القول) ان وزير النقل الاسبق (كاظم فنجان الحمامي) كانت له دراسة مطبوعة ومعززة بالخرائط، تحولت عام 2019 إلى كتاب من إصدارات الدار الوطنية للطباعة والنشر بعنوان (ما وراء الأفق). وفي هذا الكتاب اجابات واضحة ومفصلة لكل سؤال من التساؤلات الاستراتيجية. .
لقد تحول موضوع الربط السككي الآن (مع اي دولة من دول الجوار) إلى مادة للتكسب الاعلامي. وسوف يبقى الحال على ما هو عليه طالما ان الحكم على هذه المشاريع الاقتصادية صار من اختصاص عدنان ابو الضلوع، وعبود اسكيبه، وارزوقي كوبرا، وجبار ابو الشربت، وأم إنعيم. .
ولله في خلقه شؤون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط