شيزوفرينيا الأحزاب العراقية
بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
لا تستغرب عندما ترى محمد الحلبوسي يوبخ أعضاء كتلته الموقعين على طلب إلغاء إتفاقية خور عبد الله. ويقول لهم : (قابل خور عبدالله يمر بالفلوجة. انتم ما لكم شغل بخور عبدالله. اسحبوا تواقيعكم الآن). .
- ولا تنصدم إذا سمعت تصريحات الملا (واثق البطاط) وهو يدعو اتباعه لنصرة إيران إذا رغبت طهران بالهجوم على العراق. .
- ولا تندهش عندما تسمع قناة الشرقية تتحدث بازدراء عن سكان جنوب العراق وتنعتهم بأبشع النعوت والأوصاف. .
- ولا تعترض على مشاريع الإطار التنسيقي لبناء مصافي عملاقة في الاردن لإنتاج المشتقات النفطية من البترول المنقول إليها براً من حقول البصرة. .
- ولا تتعجب أبداً من توسع الوجود الإسرائيلي في إقليم كردستان. ولا تستغرب أيضاً من الدعم السخي الذي قدموه لتفعيل انتفاضة كردية موجهة ضد العراق كجزء من استراتيجيتهم الجيوسياسية في المنطقة. .
- حري بالمواطن العراقي ان يقف حائرا أمام جيوش القوى الدولية والعربية التي اشتركت كلها في الزحف على بلده واكتساحه بالطول والعرض بذريعة بناء الديمقراطية التعددية المهلبية، حيث لم يسبق في تاريخ كوكب الارض ان اجتمعت جيوش العالم لارساء قواعد الديمقراطية عن طريق القوة الحربية المفرطة في بلد هو الاقدم في تاريخ الحضارات !؟!. .
من هنا يتعين على كل مواطن عراقي ان لا يندهش من المصائب والويلات التي وقعت فوق رأسه ومزقت خارطة بلده، ويتعين عليه أن لا يستغرب، ولا يمتعض، ولا يستاء عندما يرى العراق مفككاً مبعثراً، فالذي يجري أمام اعيننا الآن هو نتيجة طبيعية للتعددية الحزبية المبنية على الاسس الطائفية والعرقية المتشددة، ونتيجة طبيعية لمواقف الاحزاب التي ربطت مصيرها بالقوى الاجنبية والعربية. ونتيجة طبيعية للكيانات التي فضلت مصلحتها على مصلحة العراق، ونتيجة طبيعية للقوى المحلية المؤمنة بالمحاصصة، والتي فتحت لها دكاكين اقتصادية قائمة على الفرهود والاستحواذ على المنافع والثروات. .
اما الآن وفي ظل الطعنات المؤلمة التي شوهت خارطة العراق، فيتعين على كل عراقي تعليق الخارطة على واجهة بيته، أو في مقر عمله. لكي يتأمل ملامحها الجغرافية كل يوم حتى لا تغيب عن ناظريه. فقد نصحو في يوم من الأيام لنجد انفسنا معروضين للبيع في صفقات لا نعرف اصلها من فصلها، أو مقسمين في بازرات الفئات المتآمرة علينا، أو مشتتين في معارض البيع المباشر (لا سمح الله). .
تكاد لا تخلو جلسة عراقية في المقاهي والمضايف والدواوين وعلى صفحات المنصات، من الحديث عن غياب المشروع الوطني العراقي. وعن غياب الثوابت الوطنية. .
هل تذكرون عندما تعرض العراق لهجمات الدواعش كيف استنفروا الفقراء للذود عن الأرض والعرض ؟، لكنهم عندما انهزم الدواعش وجهوا دكاكينهم لتقاسم المشاريع والغنائم. .
ختاماً تذكروا ان العراق شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات ولا تُسقى إلا بالمروءات والمواقف النبيلة. فعندما يكون العراق في خطر فكل أبنائه جنود. ما أجمل أن يموت الإنسان من أجل شعبه ومن أجل بلده، ولكن الأجمل أن يحيى من أجل هذا البلد العظيم. .