كونوا مثل (زينولي) على أقل تقدير
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
شتان بين ضراوة الهجمات التي تعرضت لها غزة عام 2014 وبين ضراوتها الآن ونحن في نهاية عام 2023. ومع ذلك تلقت المحافل الاسرائيلية صفعة مدوية عام 2014 على يد الهولندي (هانك زينولي) Henk Zenoli الذي منحته اسرائيل ارفع أوسمتها. لكنه تخلى عن تلك الأوسمة، واعلن تضامنه مع المدنيين في غزة. .
يبلغ زينولي الآن 91 عاماً. وسبق ان كرّمته اسرائيل لدوره المشهود في إنقاذ حياة اليهود من بطش النازيين، فمنحته وساماً رفيعاً تثميناً لمواقفه القديمة، وما ان شنت غاراتها ضد المدنيين حتى توجه إلى السفارة الاسرائيلية في أمستردام، وأعاد اليهم أوسمتهم ونياشينهم احتجاجاً على همجيتهم التي لا تختلف عن همجية النازيين. وقال في تغريدة له: (لا يشرفني الاحتفاظ بأوسمة اسرائيل بعد سلوكها اللاإنساني في التعامل مع المدنيين في غزة. فالاحتفاظ بتلك الأوسمة الملطخة بدماء الأبرياء سيكون اهانة لي ولعائلتي الذين استشهدوا بقنابلهم في غزة). وقال ايضاً: (ان هجماتكم الوحشية في غزة تعكس حقيقة نزعاتكم العدوانية، ويتعين على المجتمع الدولي الوقوف بوجوهكم ومنعكم من ارتكاب المزيد من المجازر). .
جاء هذا التغير في موقفه بعد إن قامت طائرة إسرائيلية من طراز إف-16 بتدمير منزل ابنة أخته في غزة، مما أسفر عن مقتل كل من كان بداخله في الهجوم الأخير. في حين رفضت السفارة الإسرائيلية التعليق على ردود أفعال زينولي. .
كان هذا هو الموقف المشرف الذي وقفه هانك زينولي عام 2014. اما الآن ونحن نقف أمام منظر جثث المدنيين الذين قتلتهم اسرائيل في حملات الإبادة الجماعية، فتدهشنا مواقف الجوقة الإعلامية المصرية الشامتة باستشهاد أطفال غزة، وربما سمعتم بالحملة الإعلامية التي يقودها الكبابچي (أبراهام عيسى)، والمتصهين (نشأت التيهي)، والمهرج (أحمد موسى)، والسفرجي (عمرو أديب)، والمنافق (جوزيف الحصاني)، والمراهق (خالد الجندي)، ومن كان على شاكلتهم من المتزلفين لنتنياهو ورهطه. .
لم يكن (هانك) عربياً ولا مسلماً. بل كان إنساناً واعياً شريفاً اختار الوقوف مع المظلوم ضد القوى الظالمة. . لم يتزلف، ولم ينافق، ولم يلوذ بالصمت، بينما نرى العكس تماما في حظيرة القرود السيساوية المتحاملة على المدنيين والأبرياء، في برامج التهريج والإسفاف اليومي.