حتى أنتم يا كوكب اليابان ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من كان يصدق تغير مواقف اليابان إزاء القضية الفلسطينية بزاوية 180 درجة ؟. ومن كان يصدق ان اليابان الدولة الذكية الودودة اللطيفة الجميلة، التي أنكوت واحترقت وتمزقت قبل غيرها بنيران الهمجية الأمريكية، من كان يصدق أنها تعلن الاصطفاف مع امريكا في قرارها الرافض لوقف إطلاق النار ضد سكان غزة ؟. .
ولكن هل سألتم أنفسكم لماذا وقفت اليابان إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في رفض مشروع القرار الذي اقترحته روسيا، وكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة ؟. .
ربما يقول قائل منكم إنها حثّت إسرائيل بضرورة وقف هجومها (ولو مؤقتاً) على قطاع غزة المحاصر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، أو يقول آخرون إنها خصصت عشرة ملايين دولار فقط لإعادة إعمار البنى التحتية في القطاع. . لكننا نبقى بحاجة للتعرف على الدوافع الحقيقية التي اضطرتها للوقوف ضد القرار الأممي لوقف إطلاق النار. فقد ظل موقفها مبهما حتى جاءت إيضاحات الباحث العماني (الدكتور عبدالله باعبود) ليكشف لنا عن خبايا الموقف الياباني المبهم، وذلك في برنامج (كل الأسئلة) الذي تبثه قناة (هلا أف أم) العمانية. .
يقول الدكتور (باعبود) انه سأل كبار المسؤولين في وزارة الخارجية اليابانية عن سر تصويت طوكيو إلى جانب إسرائيل في الجمعية العامة. فجاءه الجواب محبطاً وصادماً. قالوا له: (نحن في اليابان لم ننطق بكلمة واحدة منذ السابع من أكتوبر، وكنا ننتظر ماذا ستؤول إليه الأحداث، وكيف سيكون موقف الدول العربية، حتى أتانا الرد من بعض الدول العربية، خصوصا تلك الدول التي نحن بحاجة لها، قالوا لنا أنهم مع إسرائيل، وأنهم يدعمونها بقوة، فلهذا اتخذنا هذا الموقف). .
ولكي نتأكد من مصداقية اليابان حول موقف البلدان العربية الداعمة لاسرائيل يكفي ان نقول ان اسرائيل نفسها اعترفت عشرات المرات بتلقيها اتصالات مباشرة من زعماء بعض البلدان العربية يطالبونها بمواصلة القصف الجوي على القطاع من دون ان تذكرها بالاسم. ويكفي ان نقول ان أمين عام الجامعة العربية بشحمه ولحمه كان يصنف الفصائل الفلسطينية المسلحة ضمن الجماعات الارهابية. ويكفي ان نقول ان كبار مشايخ الفتنة الطائفية كانوا من الداعمين الأقوياء لإسرائيل. .
لقد تغيرت مواقف اليابان ولم تعد مثلما كانت عليه في السابق، وبدأت سياستها تزداد تعقيدا منذ عام 2002 وهو العام الذي تشددوا فيه باجراءات منح تأشيرات الدخول لمواطني البلدان الفقيرة، اذكر أنهم لم يسمحوا بدخول اللاعب الدولي دييغو مارادونا بذريعة تعاطيه المخدرات: فقال كلمة الشهيرة وقتذاك: (لقد منعوني من حضور مباريات منتخبنا الوطني، وسمحوا بدخول منتخب الولايات لمتحدة الذين القوا عليهم قنبلتين نوويتين). .
فلا تعتبوا على اليابان بعد الآن، خصوصا بعدما انضمت إلى مجموعة السبعة، واصبحت تدور في فلك القوى العظمى. وينبغي ان نوجه أصابع العتب واللوم إلى اشقاءنا الذين خذلونا وأساءوا الينا. .
ختاماً: سألوا احد أساتذة اللغة في العراق عن الفرق بين التاء المبسوطة والتاء المربوطة، فقال: (عندنا ناس واجهت اسرائيل، وناس واجهة اسرائيل، وبين التاء المربوطة والتاء المبسوطة تأرجحت الأمة بين العز والذل). .
ولله في خلقه شؤون. . .