ألد أعداء الشعوب والأمم
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في كثير من البلدان الأوروبية والمدن الأمريكية يحق لك الحديث عن عمليات الابادة الجماعية التي تمارسها طغيانيل ضد غزة، ولكن فقط إذا كنت تؤيدها وتدعمها. فهذا هو المسموح به في صحافتهم الآن، هنالك تساؤلات يرددها الناس في كل القارات: لماذا ترفض أمريكا وقف الحرب ؟. ولماذا تصب الزيت على النيران وتغذيها بالذخيرة والأسلحة ؟. ولماذا هي الطرف المحرض في كل الصراعات المتفجرة بين الشعوب والامم ؟. وما سر وقوفها مع الطغاة والغزاة والظلمة والمستبدين والسفلة ؟. وكيف تستخدم حق النقض بينما يتعرض المدنيون للإبادة ؟. وكيف تستخدم هذا (الحق) غير العادل من اجل السماح بمواصلة عمليات القتل والتجويع والتشريد ؟. وكيف تعارض مشاريع السلام ؟. أليس في قلبها رحمة ؟. .
فهي الآن اقوى دولة من حيث التسليح ومن حيث القواعد والأساطيل، وتتصرف كأنها القطب الدولي الأوحد، والأب الأكبر، وتدعو لمحاربة الأرهاب وغرس مبادئ الحرية والعدالة والإنسانية، لكنها هي التي تمول الارهاب، بل هي الدولة الأرهابية الاولى في الكون، ولا شغل لها سوى مصادرة حقوق الناس وحرمان الشعوب الفقيرة من ابسط مستلزمات العيش الكريم. .
فإذا كانت هي الأخ الأكبر حسب ادعاءاتها. أليس من واجب هذا الأخ رعاية أفراد أسرته والاهتمام بسلامتهم ؟. ألا يفترض ان تدعو الى التهدئة وتبحث عن الحلول العادلة، وان لا تنحاز للطرف المعتدي ضد الطرف المعتدى عليه ؟. .
كان من المفترض ان تقرر وقف الحرب على غزة، ولا تضع أساطيلها البحرية والجوية في خدمة إسرائيل، ولا ترسل قواتها الخاص للمشاركة في الهجوم البري، وكان من المفترض ان تلبي رغبات الجموع الجماهيرية الغفيرة التي خرجت في مدن الدنيا، وجابت الشوارع والساحات، حتى وصلت إلى مقر البيت الأبيض ومقر مجلس الشيوخ. ومع ذلك ظلت أمريكا تواصل دعمها المطلق لفيالق القطعان التي قتلت المدنيين، ونبشت المقابر، وحرمت الباقين من الطعام والماء. ثم أصرت على تفعيل دورها الشرير في كل المجازر والمحارق. .
إذا رأيت دولة قوية تضع امكانياتها الحربية لترجيح كفة على كفة فاعلم انها تسعى وراء مصلحتها، تماما مثلما تفعل امريكا في كل زمان ومكان، فهي دولة عظمى لكنها دولة بلا أخلاق وبلا مبادئ، فما تفعله امريكا واعوانها والسائرين في ركابها يبعث على القرف والاستياء. ويجعل شعوب الارض في حيرة من امرها. لا ريب اننا الان بحاجة إلى معجزة كونية تعيد لكوكب الارض توازنه واستقراره. ولن تكتمل حرية الشعوب والامم حتى تتحرر فلسطين، وحتى تعود الحركة الصهيونية إلى رشدها وصوابها. وحتى تتخلى تماما عن مفاهيمها التوسعية العدوانية. .