رأي في مقترح استقالة المسؤول التنفيذي قبل مدّة من موعد الانتخابات ..
بقلم : أياد السماوي ..
يتداول حاليا في الأوساط السياسية الحزبية ، مقترحات بشأن تعديل قانون الانتخابات رقم ( ٤ ) لسنة ٢٠٢٣ ، ويجري التركيز على تغيير القانون من الدائرة الواحدة الذي جرت وفقه انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة والعودة لقانون الدوائر المتعددة رقم ٩ لسنة ٢٠٢٠ والذي جرت عليه الانتخابات النيابية الأخيرة والتي حققت فيها الكتلة الصدرية الفوز بثلاث وسبعون مقعدا وبفارق كبير عن الكتل السياسية الأخرى ، وبعد انسحاب الكتلة الصدرية من مجلس النواب وتقديمهم استقالاتهم بشكل جماعي ، أصبح تحالف الإطار التنسيقي هو الكتلة الأكبر في مجلس النواب والذي أصبح هو الكتلة المعنية بترشيح رئيس الوزراء استنادا للمادة ( ٧٦ ) من الدستور العراقي ، وعلى ضوء ذلك تشكلّت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني ..
التعديل الجديد الذي تدعو له بعض الكتل السياسية الشيعية ، يتضمن نقطتين رئيستين ، النقطة الأولى هي العودة لنظام الدوائر المتعددة الذي جرى تغييره بعد انسحاب الكتلة الصدرية من مجلس النواب والسيطرة عليه من قبل تحالف الإطار التنسيقي ، فمثلا محافظة بغداد في القانون السابق رقم ٩ لسنة ٢٠٢٠ قد قسمّت إلى ( ١٧ ) دائرة انتخابية ، يصعد منها نائب واحد في كلّ دائرة .. وبعد تغيير القانون أعلاة واستبداله بالقانون الحالي رقم ٤ لسنة ٢٠٢٣ ، والعودة لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة لكل محافظة ، أصبحت أصوات المرشحين تحتسب في عموم الدائرة ، فمثلا إذا ما فاز المرّشح ( س ) بعدد كبير من الأصوات ففي هذه الحالة سيستفاد من أصواته المرشحين معه من قائمته الانتخابية كما حصل في انتخابات ٢٠١٤ عندما حصل نوري المالكي على ( ٧٢٠ ) ألف صوت ويفوز بأصواته ( ٢٨ ) نائبا من قائمته في محافظة بغداد ، فالهدف من العودة لنظام الدوائر المتعددة هو تجريد المرّشح ( س ) من الأصوات التي سيحصل عليها وعدم استفادة أي من المرشحين الذين معه في قائمته .. وهذا الأمر إن حصل فسيكون المرّشح ( س ) هو المستهدف من هذا التعديل ، حتى لو أدّى ذلك إلى عودة الكتلة الصدرية إلى الانتخابات القادمة ..
أمّا التغيير الأهم المراد إدخاله في القانون الجديد ، فهو إضافة مادة جديدة للقانون تمنع المسؤول التنفيذي من الترّشح للانتخابات ما لم يقدّم استقالته قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات ، وهنا تكمن العبرات ، فمثل هذا التعديل لا يمكن أن يمضي دستوريا بمجرّد إضافة مادة جديدة لقانون الانتخابات تفرض على المسؤول التنفيذي تقديم استقالته قبل مدّة من موعد الانتخابات ، بالرغم من أنّه بسوّق بتبريرات قد تبدو منطقية في الظاهر .. لأنّ إضافة مثل هذه المادة إلى قانون الانتخابات المزمع تعديله ، تحتاج إلى إجراء تغيير دستوري على المادة ( ٢٠ ) من الدستور والتي تنص على ( للمواطنين رجالا ونساءً ، حق المشاركة في الشؤون العامة ، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح ) .. فبموجب هذه المادة الدستورية لا يمكن أبدا منع أو حرم المسؤول التنفيذي من ممارسة حقه الدستوري في الترّشح للانتخابات ، إلا في حالة تعديل هذه المادة الدستورية ، وهذا شبه محال لأنّ تغيير هذه المادة الدستورية التي جاءت في الباب الأول من الدستور يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب ، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية ، حسب ما جاء في المادة ( ١٢٦ / ثانيا ) من الدستور .. وبهذا لا يمكن إضافة أي مادة لقانون الانتخابات تسمح باستقالة المسؤول التنفيذي قبل مدّة من موعد الانتخابات ، حتى لو تمّ العودة لقانون الدوائر المتعددة .. ختاما نقول .. لمصلحة مَن هذا التعديل ومن هو المستهدف ؟ نسخة من هذا الرأي القانون إلى الحاج نوري المالكي رافع لواء هذا المقترح ..
أياد السماوي
في ١٢ / ٣ / ٢٠٢٤