وداعا للصبر الاستراتيجي
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قبل نشر مقالتنا اللاحقة حول تقييم هجوم المسيرات الصهيونية التي وقعت صباح اليوم على مطار عسكري في أصفهان. ذلك الهجوم الذي عبّر عنه بن غفير بكلمة (سخيف). دعونا نعود إلى تلخيص الماضي الملتهب والمستقبل المرعب بالمقالة التي بين ايديكم. .
فقد بدأت عمليات (طوفان الأقصى) بغارات جوية لمقاتلين مجنحين طاروا فرادى نحو المستوطنات المتطفلة على الأرض، ولما انتهت المدة المقررة للصبر الاستراتيجي، (بعد ستة اشهر)، تفجّر طوفان الوعد الصادق، فأطلق حزمة من الصواريخ المهاجرة بسرعات وارتفاعات متفاوتة. وكان من الطبيعي ان توضع المنظومات الدفاعية في خدمة تل ابيب. .
تحولت اجواء الأردن في تلك الليلة إلى قبة دفاعية لاقتناص صواريخ (شاهين – وخيبر – وشهاب – وقادر -ورضوان). وقرر قادة النيتو ارسال مقاتلاتهم الحديثة إلى شرق الأردن، لأنهم ادركوا ان إسرائيل لن تستطيع الصمود وحدها بوجه هذا الحشد الهائل من المسيّرات. .
اصطفت كل الطائرات في تلك الليلة بين خَطَّي عرض 33 و 29 شمالاً، وعلى امتداد خَط طول 39 شرقاً. أي بين منفذ (القائم) العراقي مع سوريا، وبين منفذ (عرعر) العراقي مع السعودية. وربما توغلت قليلا في اجواء الصحراء العراقية (من يدري كل شيء قابل للاحتمال). وكانت طائرة الأميرة (سلمى) بنت الحسب والنسب تشترك بالتحليق حول مقتربات مطار جدتها عالية. .
لقد فزعوا كلهم (عن بكرة أبيهم) للذود عن ماما إسرائيل. ذلك لأن نظرية الدفاع الاسرائيلي قائمة على الدعم الامريكي المطلق، وهي غير قادرة على تحمل هزيمة واحدة، وبالتالي فانها عندما تجد نفسها مهددة بحزمة من الصواريخ (مهما كان عددها) لابد ان تستعين بجيوش حلفائها وأصدقاءها وكل الداعمين لها. .
ولما أدركت (قناة العربية) الصباح، سكتت عن الكلام المباح، وتغاضت تماما عن تسعة صواريخ من طراز (خيبر) لم ترصدها رادارات القبة المثقوبة. سقطت كلها في قلب الاهداف الاستراتيجية. وحققت إصابات مباشرة أذهلت العقول. لم تستفق إسرائيل من الصدمة، فاعتكف مجلسها الحربي لدراسة هذه القفزة النوعية الصاروخية في التسليح الإيراني. فقد كانت تقنيات الصواريخ مبتكرة. وطريقة اطلاقها مبتكرة، وتوقيتاتها ومساراتها مبتكرة. سيما ان قوات النيتو هي التي قامت بنفسها بتعطيل منظومات GPS, وعلى علم مسبق بدفعات الصواريخ القادمة، فكيف استطاعت هذه الصواريخ التسعة النفاذ من المصيدة ؟. وكيف استطاعت إصابة أهدافها بمنتهى الدقة ؟. ثم انها تعلم ان هذه التسعة يعود تاريخها إلى عام 2007 فما بالك بتقنيات الأجيال اللاحقة التي تم إنتاجها بعد عام 2007 ؟. .
هنالك الآن صراع مباشر بين مدرستين تقنيتين في القتال الجوي:
- مدرسة مرتبطة بالاقمار الصناعية الأمريكية والأوروبية. تعتمد على الذكاء الاصطناعي المتقدم والمدعوم بميزانية مالية تذهل العقول. .
- ومدرسة مرتبطة بالأقمار الصناعية الروسية والصينية والكورية الشمالية. تعتمد على التقنيات البسيطة التي لا تكلف شيئا بالمقارنة مع تكاليف المدرسة الاولى، فالصواريخ في هذه المدرسة تنطلق بسرعات فرط صوتية، لكنها تسبح خارج الغلاف الغازي ثم تهبط ثانية كما البرق فوق الأرض فتصيب أهدافها بكل دقة من دون ان تتمكن منها المصدات الدفاعية. .
ولكل مدرسة اسرارها وشفرتها وخصائصها التعبوية الاخرى. .
ختاما. بدأت مرحلة طوفان الوعد الصادق بمطارين اسرائيليين وقاعدة واحدة. وبالتالي فان حرب المطارات والقواعد الجوية هي المعركة المرشحة للتفعيل في الايام القادمة. وربما تنطلق الصواريخ بعد الآن من أماكن غير متوقعة ولا تخطر على البال. أغلب الظن انها سوف تنطلق من المسطحات المائية التي تشغل ثلاثة ارباع الكرة الأرضية. . .