طوفان الجامعات الأمريكية الثائرة
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اصيبت إسرائيل بالقلق والهستيريا بسبب ثورة الجامعات الأمريكية، وطالب (غالانت) و (بن غفير) بمنع التظاهرات، ودعيا ادارة بايدن إلى تشكيل ميليشيات مسلحة لقمعها. بينما خرج دونالد ترامب بتصريحات مختلفة، وصف فيها اجراءات الشرطة بالجنون، وطالب بضرورة التحلي بالهدوء والحكمة في التعامل مع الطلاب، والاستجابة لنداءاتهم، مؤكدا على إبقاء الجامعات مفتوحة، والسماح بالاحتجاجات داخل محرماتها في ضوء التشريعات الضامنة لحرية التعبير. .
من كان يصدق اندلاع الثورات الطلابية المؤيدة لفلسطين من داخل المدن الأمريكية ؟. ومن كان يصدق ان معظم المتظاهرين والمعتصمين كانوا من اليهود ؟. في الوقت الذي كانت فيه الجامعات الإسلامية والعربية غير عابئة بالمجاز والكوارث وحملات الإبادة ؟. ومن كان يصدق انتقال شرارة الثورة الطلابية إلى اكثر من 27 جامعة أمريكية عريقة، في الوقت الذي مارست فيه الجامعات العربية والإسلامية أقسى أساليب القمع ضد كل طالب يرفع العلم الفلسطيني ؟. واللافت للنظر ان رؤساء الجامعات الإسرائيلية سمحوا لطلابهم بالتظاهر ضد نتنياهو وأعضاء حكومته. .
كانت التظاهرات مؤشرا لتحولات خطيرة في المجتمع اليهودي الأمريكي، فالجيل الجديد ليس مرتبطاً بالضرورة باسرائيل وبالصهيونية، وظهرت حركة جديدة تحمل أسم (يهود ضد الصهيونية)، يرى قادتها ان السلام الدولي لا يقتصر على دولة بعينها، أو ديانة بعينها، وانما يتطلب تأسيس نظام اجتماعي عادل في التعامل مع الشعوب والامم، ولابد من الوقوف بحزم ضد حملات الإبادة، والوقوف ضد التحالفات الدولية الحربية التي تستهدف المدنيين والأطفال والمستشفيات، وتتعمد تعطيل حلقات التوريد اللوجستي. لذا ترى الطلاب اليهود يقفون في طليعة التظاهرات الرافضة للعدوان الاسرائيلي، وهم الذين يهتفون ويحملون الشعارات، حتى لا تتوجه الاتهامات إلى زملائهم بمعاداة السامية. ومع ذلك واصلت المضخات الإعلامية اتهاماتها لهم، وهددت باعتقالهم وحرمانهم من التعليم. وقد أظهرت الوقائع تباين كبير بين سلوك رئيسة جامعة هارفرد (كلودين غاي) وبين سلوك رئيسة جامعة كولومبيا (نعمت صفيق). .
فالدكتورة (كلودين) أمريكية مسيحية رفضت أن تدين الطلاب المتظاهرين من أجل فلسطين، ورفضت انزال العقوبات بالذين رفعوا شعارات قوية ضد إسرائيل. ثم قررت الاستقالة من منصبها. .
اما (نعمت صفيق) فهي عربية مصرية، كانت وراء استدعاء الشرطة لاعتقال الطلاب المتضامنين مع فلسطين. وبالفعل تم اعتقال 100 طالب من الجامعة. وكانت السبب في توسع دائرة الاحتجاجات، فطالبتها الحكومة الأمريكية بالاستقالة من منصبها، ومغادرة موقعها على الفور. اي ان نفاقها لم ينفعها، فخرجت مطرودة يلاحقها الخزي والعار. .
خلاصة القول: عندما تكون رئيسة الجامعة أكبر من المنصب تجدها متواضعة وعادلة ومنتجة. وعندما يكون المنصب أكبر منها تجدها مغرورة وظالمة ومتهورة. .