غزة أقرب إليك من الفلوجة يا أفندي
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حينما ترى الناس يبدعون بصناعة النكتة، ويميلون للفكاهة والدعابة فأعلم أنهم بدأوا يشعرون باليأس والذل والخذلان. وأنا واحد منهم. .
المضحك المبكي ان ملك الأردن عبدالله الفاني كان يتحدث، منذ بضعة أيام، مثل الخواجات في لقاء مع رؤساء القبائل البدوية الأردنية، ويبشرهم عن استعداد جيشه للقتال في البادية الغربية العراقية دفاعا عن أهل السنة والجماعة في الفلوجة. فصفقوا له. من دون ان يتجرأ احدهم ليقول له: وهل اهلنا في غزة غير مشمولين بفريق السنة والجماعة ؟. فإن كانوا كذلك، وهم في طليعة أهل السنة والجماعة، فما الذي يمنعك يا جلالة الملك الموقر من إرسال قواتك للدفاع عنهم ؟. ولماذا لا تقطع مساعداتك عن اسرائيل ؟. ولماذا استنفرت قواتك الجوية لاسقاط الصواريخ التي كانت في طريقها لدك حصونهم ؟. ولماذا اغلقت المستشفى الأردني في غزة ؟. ولماذا ترمي عليهم المعلبات التالفة بمظلات مثقوبة ؟. ولماذا استدعيت جيشك لحماية السفارة الاسرائيلية في عمان ومنعت النشامى من الوصول اليها ؟. ثم ألا يعني هذا الكلام تحرشا بالعراق وتدخلا سافرا في شؤونه الداخلية ؟. ألا يعلم الملك ان الفلوجة وحدها قادرة على اجتياح الأردن من شرقها إلى غربها في ليلة واحدة ؟. ألا يعلم جلالة الملك ان اسود الرافدين إذا بلغَ الفطامَ لهم صبيٌّ تخرُّ له الجبابرُ ساجِدِينا ؟. ثم أيهما اقرب إلى العقبة: الفلوجة أم غزة ؟. ومن هم الذين بحاجة للفزعة العربية: الفلوجة أم غزة ؟. .
وعلى السياق المتخبط نفسه اتفق معظم زعماء الحكومات المتفرجة على منع التلويح بالعلم الفلسطيني في الساحات والمؤتمرات والملاعب. لكنهم عقدوا قمتهم الثانية بدعوى دعم الشعب الفلسطيني، ولم ينددوا في اجتماعهم بالإبادة الجماعية في غزة. بل جاءوا ليمثلوا انفسهم ويؤكدوا تضامنهم مع الاحتلال. .
وربما كان وزير دفاع العدو (غالانت) على صواب هذه المرة فقط، وذلك عندما لفت انتباهنا بقوله: (إذا سمعتم أي دولة من الدول العربية التي تسعى للتطبيع معنا، وقالوا لكم أننا وعدناهم بإقامة دولة فلسطينية، فأعلموا أنهم يكذبون عليكم لتبرير التحاقهم بجبل صهيون). .
وعلى النقيض تماماً أطلق النائب الأوروبي (مايك والاس) تحذيره بالشكل التالي: (ان الاعتراف بدولة فلسطين فرض عين على كل إنسان حر، ويتعين علينا منع تدفق الأسلحة الى إسرائيل حتى لا نكون شركاء في قتل الفلسطينيين). وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية الإسباني. بقوله: (لن نسمح للسفن التي تحمل أسلحة لإسرائيل بالرسو في موانئنا). بينما ترى العكس في الموانئ المصرية التي أصبحت الداعم الأقوى للجسر البحري المرتبط بميناء الحديدة هو حيفا. .
كلمة اخيرة: سيكتب التاريخ أن جامعة كولومبيا الأمريكية وحدها أقلقت الاحتلال أكثر من جامعة أبو الغيط التي لا تجمع ولا تنفع. .