الراجمات في غزة والراقصات في جرش
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
نعم. . هذا هو المشهد المعروض أمامكم بالألوان الصارخة. . راجمات تقصف المدنيين الأبرياء بلا رحمة في غزة، وراقصات يتمايلن بمؤخراتهن السليكونية على قرع الدفوف ونفخ المزامير في جرش حيث يختلط الحابل بالنابل، والجاهل بالسافل. .
أتراح هنا وأفراح هناك، شهداء هنا وسعداء هناك يردحون فوق توابيت الموتى. فقد أقامت الحكومة الأردنية احتفالاتها الموسمية الداعرة فوق جثث الشهداء على مسافة 150 كيلومترا فقط من براكين المصائب والويلات والمآسي. .
أعطني إعلاماً بلا ضمير أصنع لك جمهوراً من الحمير. فقد تكتمت الأبواق الأردنية على اخبار ضحايا حملات الإبادة، وفتحت الملاهي الترفيهية والنوادي الليلية لإلهاء الناس، لا توجد تغطية إعلامية تخبرهم أن غزة بكل خيامها وملاجئها تُقصف الآن. تفحمت الجثث، تقطعت أجساد الأطفال. . غزة تُبادُ والأردن تعزف المارش العسكري على الطريقة الاسكتلندية لإظهار بطولاتها المزيفة. . ليتهم غسلوا بعضاً من العار بشيءٍ من الكرامة. لكنهم جاهروا به، ثم وشموه على جبينهم، وسجدوا للجارشات في جرش. .
مملكة أثبتت أنها بلا مروءة وبلا نخوة. لا توجد كلمات تعبر عن مدى خذلانها لنا. إخوانهم يُذبحون وهم يصفقون ويرقصون ويسكرون ويمرحون. .
تزامنت احتفالاتهم في جرش مع تسارع وتيرة المجازر الدموية وسط غزة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتلازمت مع مجازرهم في جنوب لبنان. وتزاملت مع القصف الأمريكي البريطاني على القرى اليمنية. ومع المجازر وسط السودان على يد ميليشيات الدعم السريع. . .
حكاية لها علاقة بالموضوع: حين أراد الذئب تعليم صغيره دروساً في الحياة وفن العيش ذهب به إلى قطيع الأغنام. وقال له: لحوم هذه الماشية لذيذة. ثم أشار إلى راعي الأغنام، وقال له محذراً: عصا هذا الرجل مؤلمة فأحذر منه. ولما رأى الذئب الصغير كلباً يقف بجوار الأغنام قال له: هذا يشبهنا يا أبي. . فأجابه الأب: اهرب حين ترى هذا الكائن. لأن كل ما عانيناه في حياتنا كان بسبب أولئك الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا. .