تصفيق – تصفيق – تصفيق
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اشترك الطغاة كلهم في التعالي على شعوبهم، وكانت لديهم رغبات مجنونة لإرغام تلك الشعوب على تمجيدهم وتقديسهم. وربما انفرد معظمهم بسماع دوي التصفيق والهتافات في القاعات المغلقة، وفي الفضاءات الجماهيرية المفتوحة. .
في السابق كان يقف الخطيب ليلقي كلمته الجماهيرية بين يدي الأمير أو الوالي او الزعيم أو السلطان، فيأمر الناس بالتصفيق، فيصفقون، ثم يستأنف كلمته ليتوقف بعد قليل فيأمرهم بالتصفيق للمرة الثانية والثالثة والعاشرة فيصفقون. وهكذا كانت مفردة (تصفيق) تأتي في نهاية كل جملة، فيصفقون خوفا من بطش القائد (الأعلى) والزعيم (المفدى). .
مثال على ذلك. نذكر أن الزعيم السوفيتي (ستالين) كان يستنزف طاقة الجماهير بالتصفيق وبكل ما لديهم من قوة، من دون ان يجرؤ احدهم على التوقف عن التصفيق، وهكذا يستمر التصفيق حتى يدب التعب بين صفوف المصفقين. وفي احدى المرات بدأ الاعياء يتسلل اليهم بعد 11 دقيقة من التصفيق المتواصل. فشعر مدير احد المصانع بالإعياء. توقف عن التصفيق وجلس على كرسيه ليلتقط انفاسه، واتبعه الجميع فجلسوا. وفي تلك الليلة داهمت بيوتهم القوات السرية المخيفة. وحُكم عليهم بالسجن عشر سنوات باتهامات ملفقة. قال لهم المحقق فيما بعد: ان الرفيق ستالين قرر معاقبتهم بسبب توقفهم عن التصفيق. .
ثم جاء زعيم كوريا الشمالية (كيم جونغ أون) فأرغم شعبه على التصفيق له كل 4 دقائق. وفي عام 2020 قرر إعدام جانغ سونغ (67 عاماً) الذي كان الرجل الثاني في النظام وزوج عمة الزعيم، بتهمة عدم تحمسه في التصفيق داخل قاعات الاجتماعات الرئاسية. .
اما اليوم، وبعد رحيل ستالين، وتفكك الاتحاد السوفيتي، وفي خضم التصفيق الكوري المحدد بأربع دقائق فقط. جاء الكونجرس الأمريكي ليكسر الأرقام القياسية كلها. فقد صفق اعضاء الكونجرس لقاتل الأطفال (بنيامين نتنياهو) لمدة 55 دقيقة، تكرر فيها التصفيق الحماسي 50 مرة، بمعدل مرة واحدة كل دقيقة تقريبا، بما يعادل 4 أضعاف التصفيق المخصص لزعيم كوريا الشمالية. وبالتالي فأن حالة الذعر التي يعيشها أعضاء الكونغرس بحضور النتن ياهو تعادل 4 أضعاف الخوف الذي يشعر به الشعب الكوري الشمالي أمام زعيمهم (کيم جونغ اون). حتى (كيم) نفسه شوهد وهو يستلقى على قفاه من الضحك بعد سماعه عواصف التصفيق الأمريكي. .
أما آخر صرعات التصفيق فكانت في حفل إقامته المرشحة الأمريكي (كاميلا هاريس). حين قالت لهم: (أنا اقف الآن حائرة على مفترق طرق. بين ان أكون رئيسة للولايات المتحدة أو أكون قحبة رخيصة) فصفق لها الشعب الأمريكي كله، وصفقت لها العاهرات والداعرات والزانيات والفاجرات. ثم خرجن في اليوم التالي بقمصان عليها صورة كاملا، وعبارة: (I love nasty women). . .