هل كان (شيشرون) يتجسس علينا ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
انفرد العالم الروماني (ماركوس توليوس شيشرون) برؤية مستقبلية استطاع من خلالها تشخيص عيوب أنظمة الحكم على اختلاف أنواعها، وكان في طليعة السياسيين والخطباء والفلاسفة في القرن الاول قبل الميلاد. لكنك عندما تقرأ كتاباته تشعر انه يعيش بيننا الآن. .
كان دائما يقول: (لا تلُم الحاكم، بل عليك أن تلوم الشعب الذي أشاد به، وعبده، وفرح بفقدان الحرية، ورقص في طريق موكبه، عليك أن تُلقي اللوم على الأشخاص الذين يحتفلون به عندما يكذب عليهم في ندواته ومؤتمراته). .
ويقول أيضا: (ستة أخطاء يستمرُّ السياسيون في ارتكابها قرناً بعد قرن: الإيمان بأنَّ التفوق يتم تحقيقه بسحقِ الآخرين، وإهمال تنمية العقل وصقله، والقلق بشأن الأشياء التي لا يمكن تغييرها أو تصحيحها، ورفض تنحية التفضيلات التافهة، وإرغام الناس على الانضمام إلى التنظيمات الحزبية التي يرفضون الإنتماء اليها). .
لم يقرأ الكثيرون مؤلفات هذا الفيلسوف الكبير، وبعضهم لا يجد فرقا بين شيشرون أو شيش كباب. ومعظمهم يرفضون الاستفادة من خلاصة نظرياته التي ناقشها ودافع عنها قبل اكثر من 2000 عام. .
تشعر انه يعيش بيننا عندما تسمعه يقول: (رأيت في الحياة اناس يجيدون الخداع، يعيشون مع الذئب و يبكون مع الراعي). . تسمعه يقول: (الفساد يبدأ بسرقة أصوات الفقراء، وينتهي بسرقة أحلامهم). وهذا ما نراه ونتعايش معه من وقت لآخر في بلاد الواق واق وبخاصة في الحملات الدعائية التي تسبق مواسم الانتخابات. ونراه ايضاً في التلاعب بالصناديق وفي انتزاع الأصوات بالترهيب والترغيب. .
حذر شيشرون من الغدر والخيانة والمؤامرات الداخلية. بقوله: (يمكن للأمة أن تنجو من الحمقى، لكنها لا تستطيع النجاة من الخيانة الداخلية، فالاعداء يقفون دائماً وراء الحدود الخارجية، ويحملون راياتهم علانية، لكن الخائن يتنقل في الداخل، وينفث سمومه بين الناس، وتُسمع همساته في قاعات الحكومة نفسها). .
وله نظرية يقول فيها: (الفقير: يمارس العمل وهو الشخص الاول في المجتمع. . والغني: يستغل الأول. . والجندي: يدافع عن الاثنين. . والمواطن: يدفع للثلاثة. . والكسول: يعتمد على الأربعة. . والسكير: يشرب في صحة الخمسة. . والصيرفي: يسرق الستة. . والمحامي: يغش السبعة. . والطبيب : يقتل الثمانية. . وحفار القبور: يدفن التسعة. . والسياسي: يعتاش من العشرة). .