بقلم: كمال فتاح حيدر ..
سألوا سفير السعودية في لندن (خالد بن بندر) عن تنظيماتهم الحزبية (الدينية)، فقال لهم: (نحن قبيلة انتصرت بالسيف وفازت بالحكم). وهذا هو حال معظم الاحزاب العربية التي صارت من حصة القبيلة او العصابة او القرية او الاشقياء (البلطجيه). .
فالأحزاب الشيعية في العراق منشغلة بمعاركها الداخلية ضد بعضها البعض، والأحزاب السنية هي الأخرى متورطة باستبعاد عناصرها بكل الوسائل القاتلة، والصراع نفسه يتفجر بين الاحزاب الكردية. والأغرب من ذلك ان هذه الاحزاب (على اختلاف ألوانها وشعاراتها) غارقة في مشاريع تهميش المبدعين والخبراء والناجحين. .
اما على صعيد السلطة التنفيذية فقد شهدت مؤسساتنا تنصيب مدراء تسللوا من خارج مدارس التوصيف الوظيفي. وشاهدنا بأم أعيننا كيف فرضوهم بالقوة على الوزارات والتشكيلات المترهلة. وكيف قام بعض المدراء باقتحام مؤسساتنا الحكومية بقوة السلاح، وكانت من خلفهم جوقة من الشقاوات المقنعين المبرقعين. ثم تحولت تلك المؤسسات إلى دكاكين استثمارية مجيرة بالكامل لهذه الجهة او تلك رغم انف الوزير المختص. .
نشعر احيانا ان بعض التنظيمات الحزبية اصبحت قريبة جدا من تنظيمات العصابات والمنظمات السرية. شعارهم التخويف والترهيب والتجهيل والاستغباء، وادخال الرعب في قلوب الناس. حتى باتت تفتقد لأي رابط اجتماعي أو جماهيري، بل أضحت مجرد ديكورات كارتونية لتجميل صورة العملية السياسية من دون ان تحقق أهدافها وطموحاتها التي تأسست من أجلها. .
المشكلة الأخرى انك لو فتشت داخل المجتمع العراقي لن تجد نخبة مستقلة قادرة على تصحح المسارات المنحرفة، ربما بسبب الخوف من حملات البطش والتنكيل والتلفيق، وربما بسبب الطمع في الاموال والامتيازات والمناصب والغرق في أوحال هذه الجهة او تلك. .
ختاما: هل تعلمون ان حجم كوكب المشتري يساوي 1200 مرة ضعف كوكب الأرض، وان الشمس وحدها تستطيع أن تستوعب داخلها 1000 كوكب مشتري، وهنا على سطح الأرض تعتقد المخلوقات العراقية انها لم تعد تطيق بعضها البعض، وان كياناتهم الحزبية المتنافرة لا تنسجم مع نواميس الكون في التعايش السلمي فوق ارض الرافدين. .