لا شيء حقيقي في ديارنا
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا في الإعلام، ولا في السياسة، ولا في حروبنا المتفجرة هنا وهناك. .
لا شيء حقيقي هذه الايام سوى الزمن المهدور من أعمارنا اللاهثة وراء سراب الحقيقة. فقد أضحت ديارنا كلها مهددة بجيوش مرحب الثالث. دراكولا آخر متعطش للدماء، لا يوجد من يقف بوجهه، ولا يوجد من يتصدى له. ولا شغل له سوى الانتقام. تسانده القوى الدولية العظمى بكل ما تمتلكه من قواعد حربية وتقنيات متقدمة وبوارج وقاصفات. .
يضع يده الآن على ترسانته مليئة بأخطر الصواريخ التكتيكية الذكية التي تحمل الاسم نفسه (خيبر 3). معظمنا يعرف (مرحب الأول) انه: مرحب بن الحارث، كان ملكاً في قلعة خيبر، وصاحب حصنها المنيع. وهو الذي بارز علياً، فخرج يتبختر بين الصفوف، فضربه (علي) بالسيف ففلق هامته في غزوة خيبر سنة 628 م. لكننا لا نعرف (مرحب الثاني)، ولا ندري ما هو ؟، فقد تشابهت علينا الأبقار والعجول السامرية. .
لا نستطيع البوح بكل ما يؤلمنا، فبعض الكتمان كرامة. أسوء ما قد يصيبنا ان نموت ونفقد رغبتنا في الكلام، وفي التعبير عن مخاوفنا وإظهار ردود افعالنا. .
كم هو مؤلم حين تحارب الأعداء نيابة عن الأمة، فتحاربك الأمة نيابة عن الأعداء. وكم هو مؤلم أنّ تحتاج فزعة قومك ولا تجدهم بجانبك، ثم تكتشف انهم يقفون خلف صفوف اعداءك، ويتجحفلون في خنادق الحاقدين عليك. ولا يعلم قومك انهم اصبحوا في عداد الموتى منذ اليوم الذي هلك فيه الثور الأبيض. .
يروي تاريخ الأندلس أن الأسبان مكثوا سبع سنوات في حصار طليطلة، وعندما استسلمت، سأل الأسبان أهلها: ما دمتم ستستسلمون، فلماذا صبرتم كل هذه السنين على الحصار الطويل ؟. قالوا: كنا ننتظر المدد من اخواننا العرب.
فقال الأسبان: كان اخوانكم العرب معنا في حصاركم. .
بعد سقوط (طليطلة) أغار الأسبان على ملوك الطوائف، فشتتوا شملهم وأسقطوا دويلاتهم. دويلة عقب الأخرى. فقد اقتحمت جيوش ألفونسو حصون طليطلة، وغدت عاصمة لهم، وحاضرة لمملكة قشتالة، وخرج منها العرب خائبين منكسرين يجرون أذيال الخيبة. فما أشبه الليلة بالبارحة. وما أبلغ قول ابن الخطيب في وصف هزيمتهم في الأندلس عندما قال فيهم: (لقد نفذ عقابُ الله في جاحدي الحقوق، ومُتَعَوِّدي العقوق، ومُقيمي أسواق الشقاق والنفاق، والمَثَل السائر في الآفاق). .
كلمة اخيرة: عندما يصفق اخوانك في افراح اعدائك فاعلم أنهم أذعنوا لهم وتحالفوا معهم. وعندما يفرح اخوانك وابناء عمومتك في الوقت الذي يفرح فيه أعداؤك بقتلهم اكبر أفراد أسرتك، وعندما يشمتون بمقتل من يدافع عن أرضهم وعرضهم. فانظر في طهارة الأرحام الذي احتوتهم، وابحث عن أصل نطفتهم التي جاءوا منها. .