بلاويكم نيوز

الصقور لا تقودهم جرادة

0

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

هل تذكرون حكاية المهندسة المصرية (إيمي سلطان) التي حصلت على الشهادة العليا في العلوم من ارقى الجامعات البريطانية ؟. .
لما عادت تلك المهندسة إلى موطنها لم تحصل على فرصة للعمل باختصاصها. فقررت ترك الهندسة، وفتحت مشروعها الخاص في الملاهي الليلية لتصبح فيما بعد من اشهر الراقصات في بيئة لا تعترف بالعلوم التطبيقية، وهكذا واصلت مسيرتها على وحدة ونص في مسارح: (السح الدح امبو الولد رايح لأبوه)، اما فرقتها فكانت تتألف (بحسب المواقع المصرية) من اصحاب الشهادات العليا في الاقتصاد والكيمياء والبرمجة الخطية وتحليل النظم. .
كانت تلك صورة ملخصة لزوابع الضياع والتخلف التي عصفت بنا. ومع ذلك نسمعهم يطالبون من وقت لآخر بضرورة العمل بقواعد التوصيف الوظيفي، وإعادة تنظيم هياكل مؤسساتنا. ليصبح المعلم قبل المطيرچي، والباحث قبل الدمبكچي، والطبيب قبل البوقچي، والاستاذ الجامعي قبل الطبلچي. لكن واقع الحال غير ذلك تماماً. .
قديما كانت واجبات وزارة التخطيط تقتضي البحث عن الأعداد المناسبة والكافية من ذوي الخبرات والاختصاصات للتسجيل في الوقت المناسب. وكانت تلك الواجبات من أهم النظم الفرعية للتخطيط من أجل تحقيق التوازن بين جميع الوظائف المتاحة. .
اما اليوم فتعج مؤسساتنا في عموم العراق بالخبراء والعلماء وأصحاب المواهب والمهارات النادرة، لكنهم يعملون تحت سلطة مسؤول جاهل ومتغطرس. لا يعرف كوعه من بوعه. فقد لعبت المحاصصة دورا تخريبيا في استبعاد كل كفوء، وفي خنق كل مبدع، حتى ظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيره. .
مثال على ذلك: عندنا مؤسسات تعليمية تقوقعت على نفسها، وحرمت أبناءنا من الالتحاق بالدورات التطويرية، فأكاديمية الخليج العربي للدراسات البحرية (في البصرة) ترفض رفضا قاطعا قبول العاملين في البحر للحصول على درجة ملّاح اقدم، حتى لو زادت خدماتهم الفعلية على عشرين عاماً في عرض البحر، وحتى لو كانوا يحملون تزكية من اسد البحر (شهاب الدين احمد بن ماجد). بينما ترى الأبواب مفتوحة لهم في جميع ارجاء الكون. .
وعندنا في عالم الطيران مئات الطيارين الماهرين الحاصلين على الشهادات من أرقى الأكاديميات الدولية، لكن مصير الخطوط الجوية العراقية ارتبط الآن بشاب كويتي (كامل العوضي) بحجة انه من العاملين في اتحاد النقل الجوي IATA, وذلك على الرغم من كفاءة نسورنا، وعلى الرغم من ان نسورنا لا تخشى الظلام، ويعلمون أن الفجر قادم، ولا يرضون بالقليل، ويبحثون دائماً عن الأفضل، ويحلقون عالياً لأنهم يثقون بقدراتهم، ويعرفون أن الرياح القوية تصقل الأجنحة القوية، ولا يهابون التغيير، بل يرحبون به كفرصة جديدة. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط