مملكة (ماذا) النفطية
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بداية لابد من طرح التساؤلات المصيرية التالية: لماذا نفط العراق مجهول المالك ونفط فنزويلا معلوم المالك ؟. ولماذا نفط العراق مجهول المالك ونفط السعودية معلوم المالك ؟. ولماذا نفط العراق مجهول المالك ونفط ايران معلوم المالك ؟. ولماذا نفط العراق مجهول المالك ونفط الكويت معلوم المالك ؟. .
شاهدت قبل بضعة أيام مقطعا مصورا يتحدث فيه احد المشايخ (في خطبة موثقة داخل مسجد) عن عائدية الموارد النفطية في العراق. ويبدو من كلامه انه من فلاسفة البترول في هذا العصر، و ما بعد العصر. لفت انتباهي انه يضع أسم الاستفهام [ ماذا ] في بداية وفي نهاية كل جملة. . مثال على ذلك. قوله:
((ان أموال البنك أو الدولة هي نتيجة بيع [ ماذا ] : البترول وما شاكل ذلك من المعادن والثروات الطبيعية. . والبترول [ ماذا ] : هو ملك الإمام، وحيث ان الإمام لا يمكن الوصول اليه، فصار ذلك بحكم [ ماذا ] : مجهول المالك. . والدولة حينما تبيع البترول تحصل على [ ماذا ] : على موارد مالية، وتطبع [ ماذا ] : أوراق نقدية، فهذه الأوراق [ ماذا ] : ملك الدولة وحدها وليست ملكا للإمام، فلا تنطبق عليها فكرة [ ماذا ] : مجهول المالك)). .
لا نريد البحث عن محل [ ماذا ] من الإعراب، ولا نريد ذكر إسم هذا الفيلسوف البترولي، الذي قرر سحب سند ملكية الحقول النفطية العراقية من الشعب. و وضعها في حاويات وصهاريج وخزانات مجهولة المالك. ثم يعود ليفسر الماء بعد الجهد بالماء، فيرى ان الموارد النفطية تتحول على يد الدولة إلى أوراق نقدية ليست مجهولة المالك، ولا يجوز الاستحواذ عليها عن طريق السرقة. بمعنى ان البترول العراقي عندما يكون مستقراً في باطن الأرض، أو متدفقا في أنابيب التصدير هو مجهول المالك. وهو مشاع ومباح لمن هب ودب. اما عندما تبيعه الدولة فهو ملكها. .
الطامة الكبرى ان هذه الدعوات والفتاوى تكررت في الآونة الأخيرة، وكأنها تبيح للناس حرية التصرف بثرواتنا النفطية كيفما يشاؤون، فالنفط الخام في قوانين هذا الرجل غير مقيد بسند ملكية لحساب الدولة، وإنما هو ملك مشاع. .
يا حلاوة – يا سلام يا حبيب قلبي يا سلام: يعني لو جاءتنا الشركات النفطية الأمريكية وشفطت نفطنا كله، ثم استولت على الكبريت والغاز لا يحق لنا الاعتراض عليها لأنها استولت على ثروات لا تعود الينا. أما الضالعين بتهريب النفط الخام ومشتقاته فأنهم في حسابات هذا الفيلسوف النفطي خارج المسائلة والعدالة. .
وهنا لابد من الاستفسار من حكومتنا الرشيدة عن رأيها بما ورد على لسان هذا الفقيه النفطي ؟. والاستفسار أيضا من لجنة النفط والغاز النيابية حول الموضوع نفسه. .
ترى [ ماذا ] سيكون موقفنا لو جاءنا ترامب ووضع يده على حقولنا النفطية، وقال لنا: (انا اعمل بالفتوى النفطية التي اطلقها فلان). ماذا نقول له ؟. .