مقترح: إنشاء دائرة الأوقاف البترولية
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
توحي لنا الوقائع أننا نعيش في أقبية المتحف الجغرافي للعراق الذي كانت سواحله تمتد حتى المحيط الهندي، اما الآن فقد انكمشت مياهنا وتراجعت سواحلنا، وفقدنا نصف ممراتنا الملاحية. في الوقت الذي شهدت فيه مياه الخليج تعاظم غابات المنصات النفطية بانورها المتلألئة في عتمة الليل. لكنك لن تجد فيها منارة عراقية واحدة. وليس لنا بوصة مربعة واحدة بين هذه الحقول. .
ماذا لو كانت عائدية مسطحاتنا البحرية تابعة لدائرة الأوقاف الدينية ؟. أغلب الظن ان أحوالها سوف تصبح افضل مليون مرة من أحوالها في هذه المرحلة الضبابية الراهنة، سيما انه لا توجد لدينا جهة سيادية تجزم بمسؤولياتها الشاملة عن كل قطرة من مياه ممراتنا الملاحية أو مياهنا الإقليمية أو الاقتصادية. .
والطامة الكبرى ان جميع البلدان المطلة على حوض الخليج تعمل جاهدة ليل نهار لتعزيز نشاطاتها التنقيبية والاستثماريّة والتجارية والسياحية وفي البحث عن ثروات الصيد، باستثناء العراق الذي ظل يصر على الوقوف موقف المتفرج، وموقف المتغافل المتجاهل المتردد المهمل. .
هل سمعتم بالخبر الذي أعلنه الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت عن اكتشافهم الجديد في حقل الجليعة البحري ؟، وهل لديكم فكرة عن النشاطات التنقيبية (الإيرانية والكويتية) شمال الخليج على مسافة ضربة جزاء من مرمى فريقنا الوطني ؟.
وهل تعلمون ان احتياطيات حقل الجليعة البحري تقدر بنحو 800 مليار برميل نفط و 600 مليار قدم مكعب غاز ؟. وهل تعلمون ان الكويت حددت 16 موقعاً بحرياً للتنقيب عن النفط في المياه القريبة من خور الخفقة العراقي ؟.
فعلى الرغم من أن كلفة إنتاج برميل النفط في البحر تفوق كلفة إنتاج النفط المستخرج من اليابسة، وضعت الكويت خطة استراتيجية لتصعيد إنتاجيتها إلى 3.6 مليون برميل يومياً بحلول 2035. .
لو توجهنا الآن بالسؤال إلى الوزارات العراقية المعنية لما حصلنا منها على الجواب الشافي. .
وطالما ان بعض رجال الدين افتوا بانهم لا يعرفون شيئا عن عائدية حقولنا النفطية، فهي عندهم مجهولة المالك، فلا ضير من تحويل مسؤولية الإشراف عليها اليهم، والسماح لهم بربطها بدوائر الوقف (الشيعي أو السني لا فرق)، عسى ان يحالفهم الحظ في اكتشاف طريقة شرعية لاستثمارها. .
ختاماً: يبدو ان بدر شاكر السياب كان على حق عندما قال: و أصيح بالخليج: يا خليج .. يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى. . فيرجع الصدى: كأنّه النشيج: يا خليج: يا واهب المحار والردى. . .