النحت من تأسيس الحضارات الى تخسيس المؤخرات
بقلم : هادي جلو مرعي ..
رحم الله هنري مور وهو (نحّات إنجليزي كان أحد الفنانين البارزين في القرن العشرين بفضل آثاره ذات الشكل التجريدي والعضوي التي نحتها من الحجر والبرونز، توجد له تماثيل تذكارية برونزية معروضة كأعمال فنية شعبية في أماكن مختلفة من حول العالم) مؤسس فن النحت بشكله الحديث الذي هو وحسب التوصيف العلمي ( فرع من فروع الفنون المرئية وفي نفس الوقت أحد أنواع الفنون التشكيلية، كما أنه يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد. ففي الأْصل، كان النقش و التشكيل. ويمارس هذا الفن على الصخور والمعادن و الخزف و الخشب ومواد أخرى) وهناك أعمال خالدة في بلدان مختلفة من العالم خلدت شخصيات فذة ومبدعين أثروا البشرية بأصناف الإبداع في الحكم الرشيد والحروب والشعر والسينما والأدب الرفيع والبحارين العظام والكتاب والفرسان وعلماء دين وفلسفة وطب وهندسة وفيزياء وكيمياء، وكلما ذكرت كلمة نحت فهم المستمع منها الإبداع والتماثيل الرائعة المبهرة وخلد هذا الفن حضارات عظيمة كان نتاجا لها كالحضارة المصرية وحضارات وادي الرافدين والحضارة الصينية والحضارة الفارسية وحضارة الأزتيك والمايا والحضارات التي تشكلت في افريقيا وأوربا، وحتى الأمريكيتين، ومع التطور والتجدد صار فن النحت واحدا من أروع الفنون وأبهاها وأجملها..
في السنوات الأخيرة مسح فن النحت التقليدي في الأرض، وأصبح ملطشة للرايح والجاي، وبدلا منه ظهر فن نحت المؤخرات من تكبير وتصغير وتأطير، وليس المؤخرات لوحدها، بل مواضع أخرى من الجسد ويبرع بذلك أطباء ومختصين في مراكز طبية ومستشفيات، ولما كانت مواد التجميل والمساحيق المعروفة قبلة للنساء، وتنفق مليارات الدولارات في مختلف القارات على شراء مواد الزينة والتجميل دخلت أغراض إنفاق أخرى كتكبير وتصغير الأرداف والأثداء، وسواها من مواضع أجلها ويعرفها العارفون بأجسام النساء المولعات بالتنحيف والتلطيف حيث تتحول البشرية رويدا الى نوع من التوحش المادي سواء بالتفكير في كل شيء بوصفه كسبا، ولايرتبط ذلك بتحصيل الأموال وحسب، بل هو نطاق ممتد وواسع يضم العلاقات الإجتماعية والسلوك الفردي والجماعي، وحتى في نطاق الأسرة الواحدة، والبحث عن المناصب والوظائف والسيارات والبيوت والترفيه بكل شكل ممكن، والإبتعاد عن القيم التقليدية في التربية والدين والتعاملات البينية، وصار الإنسان ينظر الى أخيه الإنسان ليس بوصفه شريكا في الحياة يحتاج الى الدعم والتعاطف والشراكة الخلاقة، بل بالجنوح الى الصراع والمنافسة القاتلة، وتحييد الآخر وإقصائه، والظهور بمظهر الصديق والصاحب، بينما يخفي كل فرد في وجدانه الشرور والضغينة والعداوة والرغبة في التدمير، وبذلك فحين نسمع ونشاهد ظهور مجموعات من النساء على التوك توك ومواقع تواصل بشكل فاضح، والتحدث بطرق غير أخلاقية، وذكر الأعضاء، وإستخدام العبارات الخادشة، والحديث عن النحت والشفط والتكبير والتصغير والشهوانية العالية، فلانستغرب لأن عالمنا تحول الى مكب للنفايات، ومستنقع آسن يخوضه الجميع دون إرادة للخروج منه، بل التوغل أكثر فيه…