بلاويكم نيوز

القرصان ترامبود على نهج النمرود

0

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

تماما مثلما اجتمع السحرة في بلاط النمرود (حاكم بابل بالعراق – ولد 2053 قبل الميلاد)، وأوهموه انه صعد إلى السماء السابعة، فقال: (أنا ربكم الأعلى). عاد الينا النمرود من جديد بوجه برتقالي، وباسم هوليودي (ترامبود) فطغا وتجبر وعتا في الأرض، فركب طائرته (الفورس ون) ثم حلق بها فوق خليج المكسيك، وأعلنه خليجاً أمريكياً، وربما يطير فوق كندا وغرينلاند ليضمهما إلى إمبراطوريته النمرودية، متجاوزا الحدود والإقليم، ومنتهكا القواعد والمفاهيم. فتباينت ردود افعال الشعوب والامم بين الامتعاض والسخرية. وتساءل الكثيرون حول كيفية التلاعب بخرائط الخلجان، وكيفية الالتزام بالمتغيرات المزاجية الطارئة ؟. .
وحتى تكتمل المهزلة امر حاشيته بوجوب التنفيذ في غضون 30 يوماً، وقال: (ان الخليج اصبح المورد الاقتصادي المزدهر وأهميته الحاسمة لاقتصاد أمتنا وشعبها، فإنني أوجّه بإعادة تسميته رسميا ليصبح خليج أمريكا). .
تتمدد حدود الخليج إلى حوالي 1700 ميل في سواحل تكساس ولويزيانا وميسيسيبي وألاباما وفلوريدا، بالإضافة إلى أجزاء من كوبا والمكسيك. وهو غني بثرواته النفطية والغازية ومصايد الأسماك والموانئ والشواطئ السياحية. .
تعود فكرة الاستحواذ على الخليج وتغيير اسمه الى عام 2010. ففي ذلك العام طرح الديمقراطيون مشروعا قانونيا بهذا المعنى، ثم تجددت الفكرة عام 2012، لكنها كانت مرفوضة وغير مقبولة وقتذاك. وعلى السياق نفسه قرر أوباما تغيير أسم اعلى جبال ألاسكا من (McKinley) إلى (Denali). .
اما الآن وبعد قرار القرصان البرتقالي فلابد من انتظار كيفية التنفيذ على ارض الواقع، وكيفية تعامل الحكومة الفيدرالية مع المسطحات المائية. ولكن يبقى أن نرى ردود أفعال المراكز الدولية مثل الادميرالية البريطانية ومنصات رسم الخرائط، ووسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية. في حين أعلنت منصة (جوجل) عن خططها لتغيير أسم الخليج، بينما قررت وكالة أسوشيتد برس الاحتفاظ بالاسم الأصلي. ومن المرجح أن تتضمن بعض الخرائط في النهاية كلا الأسمين، كما هو الحال بالنسبة لبعض المسطحات المائية الأخرى حول العالم. .
في ضوء ما تقدم لابد ان تتضمن عملية إعادة التسمية تحديث نظام معلومات الأسماء الجغرافية (GNIS)، وهي قاعدة البيانات الفيدرالية الرسمية لجميع الأسماء الجغرافية الأمريكية، لتعكس التغيير، وإزالة جميع الإشارات إلى خليج المكسيك. ولديهم أيضاً المجلس الأمريكي للأسماء الجغرافية وهو تابع لوزارة الداخلية، ويتخصص بتوحيد أسماء المواقع للاستخدامات الحكومية. .
وهكذا بدأ مركز التنبؤ بالعواصف التابع لهيئة الأرصاد الجوية الأمريكية باستخدام كلمة (خليج أمريكا) في تنبؤاته العامة، على الرغم من أن (خليج المكسيك) لا يزال يظهر في بعض الأماكن على الموقع الإلكتروني لخدمة الطقس. .
فلا تتفاجئ بعد الآن إذا تغيرت اسماء مدننا وسواحلنا ومواقعنا الأثرية العربية بأسماء تختارها أمريكا وبريطانيا بقرارات مزاجية يطلقها القرصان ترامبود البرتقالي. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط