الحمى الخلاعية
بقلم : هادي جلو مرعي ..
تنويه ..
الحمى القلاعية تنتشر عند الحيوانات، والحمى الخلاعية تنتشر بوتيرة اسرع عند البشر..
والسؤال: في حال تمكنا من معالجة الحمى القلاعية التي تصيب الحيوانات فكيف نعالج الحمى الخلاعية التي تصيب الناس ؟
يفقد العراقيون جواميسهم وأبقارهم التي يمكن تعويضها من خلال إستيراد المزيد منها، مع إمكانية إنحسار المرض الذي شاع هذه الأيام، وأودى بحياة أعداد كبيرة من الحيوانات التي في الغالب هي مستوردة من دول عدة في أمريكا الجنوبية وأوربا. وبدأ الرعب ينتشر ليس بين مربي المواشي وحسب الذين يخسرون المزيد منها مع إنتشار مرض الحمى القلاعية، بل إمتد الى المواطنين العاديين الذين يستهلكون اللحوم والحليب ومشتقاته، مع تأكيد السلطات الصحية على سلامة تلك المنتجات، وأتذكر في عقود مضت إن الناس كانوا لايترددون عن ذبح الدجاج الذي يربونه في البيوت والمزارع الخاصة برغم إصابته بمرض الإنفلونزا التي كانوا يطلقون عليها ( أبو الذريق) ويبدو أن الدجاج لفرط الإصابة لايسيطر على فضلاته التي يطلقها، فيذرق بكثرة ونسميه بلهجة أهل العراق ( أبو ذريج) وكانت مرقة الدجاج طيبة للغاية، وكان الصغار يفرحون بذلك بإنتظار وجبة شهية. فالتقديرات الطبية تشير الى إنه لاخوف من إنتقال الأمراض التي تصيب الحيوانات الى الإنسان عبر تناول منتجات تلك الحيوانات..
الحمى القلاعية في عالم الحيوان تختلف عنها في عالم الإنسان، فالأطفال يمكن أن يصابوا بها، لكنها ليست قاتلة، ويمكن الشفاء منها بسرعة بعد ظهور ندب وتقرحات، لكن مرضا جديدا يصيب العراق، ويستهدف فئات من النساء والرجال، والمعروف بالحمى الخلاعية، وقبل ذلك علينا تعريف الخلاعة التي هي بوصف بسيط مغادرة الأدبيات والحشمة والتهتك والمجون وشرب الخمور وممارسة أفعال وسلوكيات كانت في السابق غير مألوفة مع غياب الرادع والخوف من العواقب، حيث يغيب الله عن الذاكرة الإنسانية، وينحسر الخوف منه، و وقد يتم ترحيل ذلك الخوف الى المستقبل على عادة تاركي الصلاة والفرائض الدينية المعتادة، والرد الجاهز هو إننا في بداية أعمارنا، ولنعش حياتنا كما نريد، ونستمتع بها قد، الإمكان، ثم مع التقدم في العمر نبدأ في التفكير في الصلاة والصوم وإرتياد المساجد والتصدق وعدم حلق اللحية وإستخدام المسبحة والتقرب الى الله وأداء الفرائض المعروفة، يقابل ذلك غياب القانون، أو تحويله الى كرة قدم شعبية يركل بأقدام المتبارين. فغياب القانون، وعدم إحترامه، والإبتعاد عن الله، وتجاهل القيم الأخلاقية والتربوية تجعل الحمى الخلاعية تنتشر في المواطنين العاديين بوتيرة أسرع منها عند الحيوانات.
الخلاعة بوصفها الشائع صارت ميدانا لفئات إجتماعية عبر مواقع التواصل الإجتماعي والأماكن العامة والشوارع، وتمتد لتصيب الكثير من الناس الذين يمارسونها، والذين يخافونها، والذين لايترددون في التماهي معها، وعدم رفضها ومواجهتها، فالأفعال الخليعة والعبارات القبيحة والكلمات النابية والألفاظ الماجنة تنتشر كالنار في الهشيم، ويسارع كثر الى تناول الخمور والمخدرات والإتجار بها وإرتياد بيوت الدعارة والشقق الخاصة والملاهي، والجري نحو محال بيع الخمور والإبتزاز الألكتروني والإعلامي والسياسي، وعدم التردد في الظهور عبر الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي من مجموعات من النساء ينشرن الأفكار المنحطة والرذيلة ويتقاذفن بينها السباب والشتائم والتهديدات، وتنخرط فئات إجتماعية عدة في ذلك السباق الماجن..
والسؤال: في حال تمكنا من معالجة الحمى القلاعية التي تصيب الحيوانات، فكيف نعالج الحمى الخلاعية التي تصيب الناس ؟