وشم الشباب .. اختراق شرق اوسطي جديد !
بقلم : حسين الذكر ..

قبل أيام سلم عليّ احدهم بلهفة واكبار متسائلا ..
-: ( أستاذ لقد أكملت بكالوريوس اعلام وأريد الحصول على ( باج ) صحفي ) . فاجبته :
- ( قانون النقابة يسمح لك ، قدم مستمسكاتك وستحصل عليه كجزء من حقوقك وتسهيل مهامك ) .
بعد ذاك انتقل الى طرح أسئلة مفاجئة كانه حرق المراحل الطموحة .. فقال 🙁 هل يسمح لي حمل مسدساً بموجب الباج ؟ هل اسافر به الى أي دولة ؟ هل تقدر تاثر عليهم يسجلون صفتي رئيس تحرير ) . - 🙁 يا بُني عليك ان تقدم اوراقك وربما ي يرجوا لك اختبارا اوليا .. ثم تعمل في الميدان بجدية كي تثبت للناس شخصيتك الصحفية فان الباج وحده لا قيمة له ، فلا تتعجل ولا تقزم طموحاتك بما ليس له صلة بالصحافة ) ..
تعد ظاهرة الوشم بحضارات عالمية متنوعة عادة اجتماعية متوارثة اذ تمثل وسيلة جمالية حرصت النساء عامة على التزيّن بها في ظل انعدام وسائل التجميل الأخرى . فالوشم على الجسد سابقا يتم بعملية بسيطة من خلال غرز الابر بالجسد مع مزج ما يسمى ( بالسخام الأسود ) الذي يوجد بقعر أواني الطهي .
مع انه كان يمثل إرثا اجتماعيا قديما وشكل من أشكال التعبير الجمالي .. الا ان البعض حرمه ، كما كانت الحكومات سابقا لا تتهاون مع من يحمل وشم بسيط على جسده بالنسبة للرجال خاصة .. حتى عده البعض صفة تعبيرية عن الانحراف والشقاوة … سيما في الخدمة العسكرية او بمراكز الشرطة والامن والجوامع والتجمعات الاجتماعية ودوائر الدولة بل يصعب على شاب ان يخطب فتاة وهو يتظاهر بوشم بارز لدلالته السلبية قيميا .
بعد الالفية الجديدة وما بشرنا فيه من شرق اوسطي جديد تغير كل شيء وانفتحت بلاد العرب على مصراعيها تحت اجندة ضاربة واضحة المعالم تجلت أهدافها وانتشرت عبرها سبل الرذيلة والانحطاط بشكل عجيب كأن العالم كله كان يقف متاهب لنا فما ان سقط الجدار حتى انحدر سيل التفاهة يعبث ويؤسس لثقافات جديدة لم تكتف بانتشارها بل تحاول سحق وازاحة كل قيم أخلاقية لا تستسيغها وتعتقد انها تقف حجر عثرة في طريق انتشارها وبث انحطاطها .
في طريقي لعملي اقلتني سيارة اجرة تاكسي فلفت انتباهي وشم على احدى ذراعي السائق بصورة لا تتسق مع وسامته وكياسته .. فمازحته سائلا : ( متى وشمت ولماذا ) ؟ فقال : ( تحديدا عام 2010 وشمت بدوافع مراهقة مع مجموعة من الشباب كنا جميعا نعتقد انها وسيلة جمالية لجذب الفتيات ) .. فسالته : ( والان كيف تنظر للامر ) ؟ فقال : ( اشعر بتأنيب الضمير وجلد الذات مما فعلته بنفسي وابحث عن وسيلة متيسرة للخلاص من ذلك القلق والخجل الدائم ) !.
فقلت : ( هون عليك يا ولدي .. لم تات بجرم عظيم ، فقد كنت تبحث عما يعالج الآمك الروحية ويلبي مطامحك الوجدانية وما حصل طبيعي ويتسق مع جيل الشباب الحالي في ظل انفتاح مؤجند فرض علينا قسرا وهو يضرب أعماق قيمنا الاجتماعية ويطيح باولادنا واجيالنا الواحد بعد الاخر .. ليس جنايتكم بل هي مسؤولية الحكومات والنخب الدينية والاجتماعية والثقافية التي كان يجب ان تأخذ دورها وتنهض بتهيئة إجابات عصرية على شكل ( مودات وصرخات ) تنبع من قيمنا الحضارية المتجذرة وتتناسب مع البيئة العربية كي لا يضطر الشباب للتغرب والبحث عن انموذجية يقتدون بها ويقلدونها كثقافة مستوردة من حضارات لا تتناسب مع بيئتنا ، هنا تكمن علية الامر ومسؤولية اهل الفكر والعقيدة) .