صراع بين الجولاني وأحمد الشرع
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كان ابو محمد الجولاني مكلفاً بتنفيذ مخططات مرسومة له ضمن مواجهات مسلحة ضيقة ومن اجل تحقيق أهداف محددة ومقيدة، فهو غير معني بتحرير هضبة الجولان التي إرتبط بها اسمه (الجولاني)، ولا يعبء بسقوط درعا والسويداء والقنيطرة وجبل الشيخ في قبضة اصحاب الضفائر الطويلة. ولم يحرك ساكنا حتى عندما وقفت الميركافا على بعد مرمى حجر من الجامع الأموي، وكان واضحا انه وقع في ورطة بعد وصوله إلى القصر الجمهوري، حيث ارتدى البدلة الميري التي لم يألفها، وهذّب لحيتة، ثم وجد نفسه محاطا بفريق من المعلمين والإعلاميين بصفة مستشارين دبلوماسيين. يكتبون له البيانات، يقدمون له النصح والمشورة في المقابلات الدبلوماسية كي يتقمص شخصية (أحمد الشرع) لكنه ظل محتفظا بداخله بشخصية الجولاني، وظلت عينه شاخصة صوب الساحل العلوي، يتحين الفرص لتحقيق حلمه في القضاء على الأقليات المستضعفة. .
ظاهرياً يبدو أحمد الشرع منشغلاً باعادة هياكل الدولة المفككة، وتفعيل مؤسساتها الخدمية والأمنية، وفي الخفاء كانت الشراذم المنفلتة تتلقى منه التوجيهات للتنفيس عن نزواته السادية بارتكاب ما اعتادوا عليه من مذابح ومجازر في التجمعات المسيحية والعلوية والدرزية والشيعية، وشملت ايضاً بعض المجاميع السنية التي رفضت التعاون معهم، وتمسكت بعروبتها و وطنيتها. ومنها عوائل سنية (اكثر من 15 عائلة) في بانياس كانت متهمة بإيوائها عوائل علوية، فكان مصيرهم الموت ذبحا على يد عصابات همجية معروفة بدمويتها. .
يذكرني صراع الجولاني والشرع برواية: (دكتور جيكل ومستر هايد)، وهي من أشهر قصص الرعب في العالم، وتشترك مع روايتي فرانكشتاين ودراكولا في أنها تعبر عن الانفعالات المزدوجة عند المرضى، وقد كانت موضوعاً لأفلام كثيرة، حتى دخل تعبير (جيكل وهايد) نسيج الحياة العامة للناس حول العالم، فيوصف بها الشخص الذي يعيش حياة ثنائية مركبة: ظاهرها الخير السطحي وباطنها الشر المستطير. .
فهو الآن يعيش اضطرابات نفسية مزدوجة. وهي من أكثر الاضطرابات تعقيدا. يطلق عليها ازدواج الشخصية، وتعني أن يكون للشخص الواحد حالة أخرى تتغير فيها صفاته وتتبدل فيها شخصيته ليكون إنساناً مختلفاً في خصائصه وأسلوبه وتفكيره ومفاهيمه عن صاحب الشخصية الأصلي، ويظل كذلك لبعض الوقت ثم يعود إلى سيرته الأولى. . فهل يستطيع أحمد الشرع التغلب على الجولاني ؟. أم سوف يتقمص ادوار دكتور جيكل ومستر هايد ؟. .