كيف نعيش بوعي في عالم المنصب والمال!!
بقلم : تيمور الشرهاني ..
الكثير في هذا العالم يلهث وراء الماديات، إلى جمع الثروة والوصول إلى المناصب العليا، ويغفل البعض عن حقيقة أساسية: أن كل شيء في هذه الحياة زائل. المال، الجاه، السلطة، كلها أمور مؤقتة، قد تأتي اليوم وتذهب غداً. ومن هنا تأتي الحكمة العميقة التي تقول: “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”، تذكيراً بأن ما نحن فيه اليوم قد كان لغيرنا بالأمس، وسيكون لغيرنا في المستقبل.
كثيرون يقعون في فخ الغرور عندما يصلون إلى مناصب مرموقة أو يجنون ثروات طائلة. يظنون أنهم أصبحوا فوق الجميع، وأنهم محصنون ضد تقلبات الزمن. لكن التاريخ يعلمنا أن المنصب والمال ليسا ضمانة للبقاء أو السعادة. فكم من عظيم سقط من علياء مجده، وكم من غني أصبح فقيراً بين ليلة وضحاها.
المنصب والمال أدوات يمكن أن تُستخدم لفعل الخير وتحسين حياة الآخرين، لكن عندما يصبحان غاية في حد ذاتهما، يتحولان إلى عبء يثقل كاهل صاحبهما. الغرور بالمنصب أو الثروة يجعل الإنسان يفقد تواضعه، وينسى أن كل ما لديه هو مجرد عارية ستعود إلى أصحابها الحقيقيين في النهاية.
بيد أن الحياة في جوهرها سلسلة من التغيرات والتحولات. ما نراه اليوم ثابتاً قد يتبدل غداً ، وما نعتقد أنه دائم قد يزول في لحظة. هذه الحقيقة يجب أن تذكرنا بالتواضع وعدم الغرور. فإذا كنا اليوم في موقع القوة أو الثراء، فلننسَ أن هذا الموقع كان لغيرنا في الماضي، وسيعود لغيرنا في المستقبل.
الإنسان الحكيم هو الذي يعيش حياته مدركاً هذه الحقيقة، فلا يتكبر على الآخرين، ولا ينسى فضل من ساعده في الوصول إلى ما هو عليه. بل يعمل على استخدام ما لديه من نعم لخدمة الآخرين، وترك أثر إيجابي في العالم.
فالتواضع هو الذي يجعل الإنسان محبوباً ومحترماً، حتى بعد زوال منصبه أو ثروته. التاريخ لا يذكر العظماء لثرائهم أو مناصبهم، بل يذكرهم لأفعالهم وأخلاقهم. فالإنسان الذي يعيش بتواضع، ويقدم العون للآخرين، يترك أثراً طيباً في قلوب الناس، وهذا هو الخلود الحقيقي.
وعندما ندرك أن كل شيء زائل، نعيش حياتنا بمنظور مختلف. نتعامل مع الآخرين باحترام وتقدير، ونستخدم ما لدينا من نعم لتحسين حياة من حولنا. نعلم أننا مجرد عابري سبيل في هذه الحياة، وأن ما نتركه من أثر طيب هو ما سيخلد ذكرانا.
هذه العبارة “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك” ليست مجرد حكمة، بل هي تذكير قوي بعدم الغرور بالمنصب أو المال. فكل شيء في هذه الحياة زائل، وما نحن فيه اليوم قد كان لغيرنا بالأمس. لذلك، علينا أن نعيش بتواضع، وأن نستخدم ما لدينا من نعم لخدمة الآخرين. فالسعادة الحقيقية تكمن في العطاء، وليس في التملك، والخلود الحقيقي يكمن في الأثر الطيب الذي نتركه في قلوب الناس.
فلنعش حياتنا بوعي، ولنكن على ذكر دائم بأن كل شيء زائل، إلا ما قدمنا من خير للآخرين.