المقالات

عيب السنين

بقلم : وسن زيدان ..

العمر رحلة قصيرة، تمضي بخطوات متسارعة وكأنها ظلّ عابر لا نكاد نشعر به إلا حين نلتفت إلى الوراء. تمضي السنوات كأنها صفحات كتاب نقلبها مسرعين، فنفاجأ بأننا وصلنا إلى منتصفه وربما إلى نهايته دون أن ندرك كيف مرّ بنا الوقت. في خضم هذه الرحلة، يقع كثيرون في فخّ العبثية والفوضى، متناسين أن للحياة قيمة لا تكتمل إلا حين نمنحها هدفا ساميا . إن العيش بلا غاية يشبه سفينة في بحر بلا بوصلة، تائهة في أمواج المصادفات، تصطدم هنا وهناك بلا اتجاه ولا معنى.

علينا أن ندرك أن كل يوم يمر هو فرصة لا يمكن استعادتها، وأن أجمل ما يمكن أن نفعله لأنفسنا هو أن نعيش بوعي، نخطط، ونسعى لما يجعل وجودنا مثمراً . فالحياة ليست مجرد أعوام نعدّها، بل إنجازات نحققها، وأثر نتركه. حين نحدد أهدافاً واضحة ونمضي خلفها، يصبح للوقت قيمة، وتتحول سنوات العمر إلى قصة نجاح نفتخر بها بدل أن نندم على فوضاها.

كالحلم يهرب العمر ولا نستطيع الإمساك به، فهو يمضي في صمت، يسرق منّا لحظات الطفولة، يختلس بسمة الشباب، ويمضي ليترك لنا ملامح الكهولة. عيب السنين أنها تصنع الذكريات، وعيب الذكريات أنها لا تعيد السنين. كم من لحظة تمنينا لو عشناها مجدداً ؟ وكم من فرصة فقدناها لأننا انشغلنا بالتفاهات؟

الذكريات جميلة، لكنها ليست حياة، هي مجرد صور جامدة لماضٍ مضى ولن يعود. لذلك، علينا أن نتعلم كيف نعيش الحاضر بوعي كامل، لا أن نتركه يتبخر بين أصابعنا. ضع لنفسك هدفاً ، واسع لتحقيقه، ولا تجعل حياتك رهينة العبثية أو الاستسلام لروتين قاتل. فالعمر لا ينتظر، والوقت لا يرحم.

في نهاية المطاف، السنين لن تتوقف عن الجريان، والذكريات لن تقدر أن تعيد لنا لحظة واحدة مما فقدناه. نحن من نقرر كيف نكتب قصة حياتنا _ إما أن نتركها أوراقاً مبعثرة في مهب الريح، أو نجعلها صفحات مشرقة تحمل إنجازاتنا وأحلامنا التي تحققت. فليكن كل يوم خطوة نحو هدف، وكل سنة فصلاً من حكاية تستحق أن تُروى، قبل أن يصبح كل شيء مجرد ذكرى لا تعيد السنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى