الحقيقة والنقد — الحلقة السادسة عشر —
بقلم : حسن المياح …
نعم تمكنت سونية الراقصة من فرض وجودها الحاكم اللازم على السياسي المسؤول الفاسد ، وبسطت يديها من خلال نفوذها الفارض المطاع ، وأن السياسي الذي كان يتطلع الى مسؤولية أعلى ، وتكليف أرقى مكيافيليآ من خلال إستبطان سونية الراقصة مما لها من مؤهلات مغرية صارخة جاذبة ، وإذا به يقع هو ذاته فريسة لها ، لما هو التخطيط الذي كان يرجوه له عونآ ، ولكن هانت عليه كرامته ، وإعتزل وتخلى عن طموحه الواعد الذي كان يرنو اليه ويتأمله ويأمله ، وأنه كان قاب قوسين ، أو أقرب من ذلك ، وذلك بسبب ما كانت تفرضه سونية الحبيبة الراقصة من ضرائب وإلتزامات حاكمة مفروغ عن تطبيقها وتأديتها ، إرضاءآ لسونية الفنانة الممثلة التي كانت في تصوره وما عقد العزم عليه أن تكون مجرد وسيلة ، وآلية جذب وصيد ، لتحقيق ما يصبو اليه من إرتقاء مسؤولية ، وإتساع حجم صورة وشكل وهليمان حاكم ، ولكن لم تأت الرياح دومآ ما تشتهيه السفن . فغرق السياسي المسؤول الفاسد الضعيف في غرامها ، وهوى هو ذاته في عشقها ، وجعلها القبلة التي يتوجه اليها بوصلة طاعة ، ويؤدي طقوس عبادته التي كان يهواها ، ويميل مزاجه لها ، فأصبح مطية مستحمرآ ، بعد ما كان يظن نفسه أنه السياسي الشاب الدؤوب حركة ونشاطآ ، الشغوف المتطلع الواعد وظائف مسؤولية ومواقع تكليف أعلى وأرقى ….. ولكنه هوى ضحية وفريسة مطيعة ، لما تغلبت عليه عاطفته سلوك تصميم حراك سياسي ، وأنه جعل من نفسه ألعوبة كرة تتلاقفها يدا سونية الراقصة العهور المهور ، البروع العبور ، وأنه الملهاة في يديها ؛ ولكنه المأساة لما يطغى حاكمية ، ويتفرد فرعنة ، في إتخاذ القرار الذي يخدم مصلحته ، ويعالج جروح منفعته ، وهو الذي يضر الشعب الذي يتحكم فيه موقع مسؤولية فرض حكومة مجرمة ظالمة ، ومنصب تكليف حاسم جازم ……
وكثيرآ ما كانت سونية الراقصة المتسلطة تفرض إرادتها ، وإن إضطرت السياسي المسؤول الى أن يكسر حجاب القوانين ويلغيها شرعية تطبيق ، ويتعدى حدود صلاحياته ، وهو الحاكم الطاغية المتفرد إجرامآ وبوليسية قاهرة على الشعب الذي يحكمه بطغيانه الهالك الفاجر ، وبإجرامه اللامحاسب القاهر ….. وهو في عز نشوته الهابطة المجرمة لما يأتيه خراج مملكته الذي يدر عليه أرباحآ كثيرة طائلة ، ويتقاسمها بين ذاته الشافطة اللاغفة ، وبين عهور وفجور عاهرته سونية الراقصة …. والشعب الى سواء الجحيم مما هو عليه من سكون وسكوت ، وجمود وركود ، وتمبلة على جوع وظلم وعسر معيشة ….. وكرامته مهدورة ، وسمت الوجود الشخصي لأفراد الشعب في تميع وتبخر … ، وصولآ الى الضياع والتلاشي من حقيقة وجود إنساني … في أحسن تقويم ….
وأن أساس المحاصصة نظام مشاركة حكم … ، هو تأثير موج سونية الدلوع الراقصة الغاضب الهائج ، الفارض الكاسح ، اللاغي الماسح ، العنود الرابح الراجح ( وسونية الراقصة تتمثل بعدة وجودات مؤثرة فارضة ) ، ولذلك يكون الفساد والظلم ، والجوع والحرمان ، والعمالة والتطبيع ، وما الى ذلك من شرور ومآسي مجرمة مفروضة حادثة ، لأن بؤرة المحور التي عليها تكون آصرة التجمع الجاذبة … ، هي سونية الراقصة الدلوع المتموجة المتحوربة المتقلبة المتحولة بغنجها وعهارتها ، ولؤمها وقباحتها ، وإجرامها وسفاهة تفكيرها ، ورجاحة فرص حظوظها ، وغلبة جذب جمالها شكلآ معشوقآ وبهاء جمال صورة تبرق زيفآ وغشآ وخداعآ …. ولذلك يكون السياسي أبلهآ ، وأضحوكة ، وملهاة سخرية يتلاعب فيه ، ويكون السياسي أهزولة وأداة ظلم وإجرام قهر وفرض سلطان في مأساة لا يؤسف عليه ، ولا يتأسف منه ….. والشعب يتلوى جوعآ ، ويتمنى نشدان طعام فتات ، وهو المهزوم المكسور لما تخلى عن إرادة رجولته ، وأنه حجر وعقله وجمد وعيه ، وألغى عزيمته ، وفقد شجاعته مطالبة بحقوقه …..
فهكذا هم كانوا …. وهؤلاء هم سونية الراقصة الماكرة اللعوب … ، والسياسي المسؤول الطروب … ، والشعب العراقي والبصري خصوصآ المنهوب …….
وما ظلمناهم … ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ….
حسن المياح – البصرة .