الغباء والتغابي والاستغباء .
بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
يقول المتفلسفون: من الذكاء أن تكون غبياً، ويقولون أيضاً: التغابي فنٌ من أذكى الفنون، ويؤيدهم في الرأي شاعرنا (أبو تمام) بقوله:-
ليس الغبي بسيّدٍ في قومهِ
لكنّ سيّد قومه المتغابي
ونرى ان كلامهم وكلامه ينزوي في محاولة تمجيد الاغبياء، ومنحهم شهادات فخرية بالفطنة والحكمة والدهاء. .
فالذكاء هو القدرة على التواصل والتعاطف والتعاون مع الآخرين في التصدي للمشاكل والمعضلات وحلّها، والاستدلال عليها بالعقل والمنطق. .
والتغابي هو التظاهر بالجهل والتخلف. . والغباء هو ضعف في الفهم والتفكير، اما الاستغباء فيعني التجهيل وصناعة الجهل، ولا حدود للغباء البشري. .
فقد ظهر علينا أحد المشايخ على شاشة البرامج الرمضانية ليدلي بتصريح خطير يضع فيه الناس خلف جدران الوعي، بقوله: من أكل البطيخ كتب الله له 70 ألف حسنة، ورفع عنه 70 ألف سيئة، بمعنى انك لو أكلت البطيخ على مدار أيام السنة، ستربح 20555000 حسنة، وتُخفف 20555000 سيئة عن ذنوبك في عام واحد، ولا أحد يعترض على هذا وأمثاله، لكن الهجمات كلها تستهدف العقلاء والفضلاء الذين يسعون لمحاربة الجهل والفقر وسائر الأمراض المجتمعية المتصلة بالغباء الموروث والمُستحدث. من هؤلاء نذكر الشيخ عداي موسى الغريري / أمام وخطيب جامع عمر المختار في اليرموك ببغداد، والذي لاحقته العقوبات الإدارية بلا هوادة لمواقفه الثورية والوطنية، وشعبيته التي اكتسبها من خلال توجيه الانتقادات اللاذعة للمفسدين والفاشلين. .
وتستمر الهجمات ضد الشيخ سعد المدرس الذي سار على النهج الصحيح في محاربة النفاق السياسي بشتى أنواعه، وحث الناس على الابتعاد عن البدع والخزعبلات. .
ففي محافظة المثنى تحوّل جرار زراعي الى ضريح مقدس، يقصده الناس للتبرك، وهو قطعة حديدة بالية، ومتروكة في مقبرة الأنقاض والنفايات، وتحوّل أحد أعمدة الكهرباء الى أيقونة لتعليق النذور وإحراق البخور. .
بهذه الصورة انتشرت الخرافات بين الناس من دون ان ينبري لها أحد، وما ان يخرج علينا رجل حكيم يرشدهم الى طريق الحكمة والعقل حتى تتولى عليه الهجمات من حيث يدري ولا يدري. .