بلاويكم نيوز

الثقافة الهشة ؟

0

بقلم : سرى العبيدي سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي ..

ثقافة مصممة لتحطيم الثقافة الرصينة ،ولكن الذين يستسهلون تعاطيها لايشعرون .
إنها الثقافة التي يلتقطها الشبان والفتيات من مشاهد تمثيلية أو لقطات عابرة ، أو مصطلحات غير ناضجة ، وماتبثه الإعلانات والدعايات ، وماتنشره كتيبات عابثة ، ومايطرح في السوق من العاب الكترونية مختلفة ، التي تزرق ثقافة العنف والأنانية والمال وغيرها على طريقة دس السم في العسل .
العقلاء يقولون : الجودة والسرعة قلما يجتمعان ، وما نفعله بسرعة لانفعله بإتقان ، والأوقات الضائعة اليوم أخطر بكثير من الأوقات التي كانت تُضٍيع من قبل ، فهذه الثقافة السريعة تستنزف أوقاتنا بطريقة مقننة ومتقنة وعصرية فلا أحد ، ممن يتعاطاها ، يشعر أنه يضيع أو يقتل أو يهدر وقتا !
ونحن هنا نتحدث عن الوقت النوعي بالطبع ….
ثقافة تبدو سهلة وسريعة ومتداولة لاتحتاج الى كثير من عناء لتعلمها ، بل وتعتبر لدى الكثيرين ثقافة تسلية ، فلا يلتفتون إلى رسالة المضمون قدر التفاتهم إلى الٱبهار البصري والصوتي ..
ماهي هذه النتائج التي أفرزتها هذه الثقافة الهشة؟

( بفضلها) بتنا نعتقد التأني والتريث في الكثير من اعمالنا وإنجازاتنا ، وبالتالي افتقدنا الكثير من ممكنات الابداع والتطور والإدهاش .
محاولة الطيران قبل أن نملك أجنحة , ليست فاشلة فقط ، بل تؤدي في الغالب إلى حوادث مؤسفة ، وربما كوارث ، وقد قيل العنب المقطوف قبل آوانه ، لن يصنع ولا حتى خلاً جيداً !!!
لم يعد هناك تدبر في العواقب ، فالاقبال على شيء جديد نزل إلى السوق يكون بطريقة عمياء أحياناً ، فالماخوذ بالجديد كالماخوذ بالسحر ، ونادرون الذين يتعرفون على مساوىء واضرار مايقتنون .
في هذا الجو الانفعالي الاستطراقي الذي تهيمنُ عليه أضواء الدعاية ، وبريق الاعلان ، والإقبال الجماعي الكثيف ، وللاسف غابت كل عمليات ( النقد) و ( التقييم ) و( المراجعة) و( التأنيب) الذاتي ، واستشعار قيمة الشيء والاستمتاع به ..
( اللذة ) العاجلة هي المعيار الحاكم والمسيطر ، أما كم من ( الثقافة) و( المعرفة ) و( التجربة ) و( الخبرة) و( الاداب) تحصل من ذلك ، فليس مهماً ، فهذه أمور في نظر الثقافة الهشة ينبغي أن تتراجع إلى الخط الخلفي .
إن حبوباً سهلة البلع أو كبسولة مضغوطة للفيتامينات المصنعة لايمكن أن تعوض عن فيتامين واحد طبيعي ، وهكذا الحال بالنسبة للثقافة ( المسلوقة) أو المقلية ، أو سريعة التحضير ، ولبن الام أفضل بمرات عديدة من اللبن الاصطناعي ..
فليس كل سهل نافع ، ولا كل شائع مفيد ورائع ، ولا كل متداول صحيح وصحي ، ولا كل ما يلمع ذهبا ً ، ولا كل ما يقال في الاعلانات والفضائيات والانترنيت قابل للتصديق ..
إنك عندما تجهل أنك عرضة للسهام التي لاتدميك ظاهراً ، فقد تتساقط عليك بالجملة وانت تحسبها حبات مطر ناعمة ، وقد لايشعر بها البعض ألبتة ، فالمستغرقون في الشيء المنهمكون فيه يغيبون عما حولهم لدرجة الانقطاع !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط