بقلم : سرى العبيدي سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي ..
ثقافة مصممة لتحطيم الثقافة الرصينة ،ولكن الذين يستسهلون تعاطيها لايشعرون .
إنها الثقافة التي يلتقطها الشبان والفتيات من مشاهد تمثيلية أو لقطات عابرة ، أو مصطلحات غير ناضجة ، وماتبثه الإعلانات والدعايات ، وماتنشره كتيبات عابثة ، ومايطرح في السوق من العاب الكترونية مختلفة ، التي تزرق ثقافة العنف والأنانية والمال وغيرها على طريقة دس السم في العسل .
العقلاء يقولون : الجودة والسرعة قلما يجتمعان ، وما نفعله بسرعة لانفعله بإتقان ، والأوقات الضائعة اليوم أخطر بكثير من الأوقات التي كانت تُضٍيع من قبل ، فهذه الثقافة السريعة تستنزف أوقاتنا بطريقة مقننة ومتقنة وعصرية فلا أحد ، ممن يتعاطاها ، يشعر أنه يضيع أو يقتل أو يهدر وقتا !
ونحن هنا نتحدث عن الوقت النوعي بالطبع ….
ثقافة تبدو سهلة وسريعة ومتداولة لاتحتاج الى كثير من عناء لتعلمها ، بل وتعتبر لدى الكثيرين ثقافة تسلية ، فلا يلتفتون إلى رسالة المضمون قدر التفاتهم إلى الٱبهار البصري والصوتي ..
ماهي هذه النتائج التي أفرزتها هذه الثقافة الهشة؟
( بفضلها) بتنا نعتقد التأني والتريث في الكثير من اعمالنا وإنجازاتنا ، وبالتالي افتقدنا الكثير من ممكنات الابداع والتطور والإدهاش .
محاولة الطيران قبل أن نملك أجنحة , ليست فاشلة فقط ، بل تؤدي في الغالب إلى حوادث مؤسفة ، وربما كوارث ، وقد قيل العنب المقطوف قبل آوانه ، لن يصنع ولا حتى خلاً جيداً !!!
لم يعد هناك تدبر في العواقب ، فالاقبال على شيء جديد نزل إلى السوق يكون بطريقة عمياء أحياناً ، فالماخوذ بالجديد كالماخوذ بالسحر ، ونادرون الذين يتعرفون على مساوىء واضرار مايقتنون .
في هذا الجو الانفعالي الاستطراقي الذي تهيمنُ عليه أضواء الدعاية ، وبريق الاعلان ، والإقبال الجماعي الكثيف ، وللاسف غابت كل عمليات ( النقد) و ( التقييم ) و( المراجعة) و( التأنيب) الذاتي ، واستشعار قيمة الشيء والاستمتاع به ..
( اللذة ) العاجلة هي المعيار الحاكم والمسيطر ، أما كم من ( الثقافة) و( المعرفة ) و( التجربة ) و( الخبرة) و( الاداب) تحصل من ذلك ، فليس مهماً ، فهذه أمور في نظر الثقافة الهشة ينبغي أن تتراجع إلى الخط الخلفي .
إن حبوباً سهلة البلع أو كبسولة مضغوطة للفيتامينات المصنعة لايمكن أن تعوض عن فيتامين واحد طبيعي ، وهكذا الحال بالنسبة للثقافة ( المسلوقة) أو المقلية ، أو سريعة التحضير ، ولبن الام أفضل بمرات عديدة من اللبن الاصطناعي ..
فليس كل سهل نافع ، ولا كل شائع مفيد ورائع ، ولا كل متداول صحيح وصحي ، ولا كل ما يلمع ذهبا ً ، ولا كل ما يقال في الاعلانات والفضائيات والانترنيت قابل للتصديق ..
إنك عندما تجهل أنك عرضة للسهام التي لاتدميك ظاهراً ، فقد تتساقط عليك بالجملة وانت تحسبها حبات مطر ناعمة ، وقد لايشعر بها البعض ألبتة ، فالمستغرقون في الشيء المنهمكون فيه يغيبون عما حولهم لدرجة الانقطاع !!