بلاويكم نيوز

ازمة تشكيل الحكومة في العراق ومبادرة لمعالجتها

0

بقلم : عامر عبد الجبار اسماعيل ـــ وزير سابق ..

مع اعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 2021.10.10 ، دعت الكتلة الصدرية لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، مقابل تبني قوى الإطار الشيعي رؤية توافقية للحكومة القادمة، ولكلا الطرفين حلفاء من السنة والكرد. مما أعُتبر رفضاً متبادل ومستمر لسيناريو الطرف الآخر لينتهي بمنح الصدر خصومه مهلة 40 يوم لتشكيل حكومة أغلبية دون مشاركة كتلته فيها بل العمل كمعارضة داخل البرلمان في حال نجاح كتلة الاطار بتشكيل حكومته ضمن المدة اعلاه.
تدرك قوى الإطار البرلمانية مدى صعوبة تشكيل حكومة دون تيار الصدر ذا النفوذ الشعبي والمنظم بجغرافية واسعة وسط وجنوب العراق، رغم قناعاتها بأن الحكومة التوافقية تعتبر الخيار الأفضل لها من حكومة أغلبية في ظروف سياسية وأمنية واقتصادية معقدة محلياً واقليمياً ودولياً.
واقع الحال يشير الى صعوبة تشكيل حكومة عراقية جديدة سواء كانت وفق مبدأ الأغلبية أو التوافقية مع استمرار تخندق المعسكرين نحو الاتجاه المضاد وبشكل أكبر يوماً بعد يوم، وهو مايثير مخاوف الشعب العراقي والذي يعاني من أزمات متراكمة لتسعة عشر عاماً، بدأت بعملية سياسية هشة لتنتهي بتهديد وجودي جراء الفساد وسوء الإدارة وضعف التواصل الاقليمي وانعدام الرؤية في السياسة الدولية. مما كبد الدولة خسارة فرص كثيرة حرمت الشعب العراقي من الاستقرار والتقدم وبناء تجربته الديمقراطية الناجحة وصولاً أزمة الغذاء العالمية، دون وجود حلول تنفيذية قابلة للتطبيق، وبعملية جمع بسيطة سيكون ناتجها ثورة جياع تزلزل العراق وتهدد ارتداداتها الاستقرار الاقليمي وتفتح ملف الشرق الاوسط كصداع جديد يؤرق المجتمع الدولي المنشغل حالياً بتداعيات الأزمة الاوكرانية وخسائرها البشرية التي لاتعوض والاقتصادية الفادحة لكل الاطراف. وباستمرار أزمتنا السياسية ستستمر الأزمة دولياً وتتفاقم مع مرور كل يوم جديد، كما يحرم الشعب العراقي من فرصة تاريخية لجني مكاسب ارتفاع اسعار النفط والمتوقع ان تستمر لعامين قادمين وتعويض خسائره السابقة جراء الفساد وسوء الإدارة والأمن الغذائي المفقود. دون حكومة بغض النظر عن صيغة تشكيلها (أغلبية كانت أم توافقية) تتناقص القدرة لحل المشكلات والمناورة لتجاوز الأزمات.
ان استمرار الاختلاف داخل السلطة التشريعية انتج حراك سياسي يميل لطروحات عدة لتشكيل الحكومة، أبرزها:

  1. حكومة أغلبية وطنية، على الرغم من تمتع هذا الخيار ببعض الميزات الايجابية، كونها ستتحمل مسؤولية إدارة الدولة، الا انها ستتحمل بالمقابل مسؤولية الفشل في مناخ سياسي داخلي معارض قد لايمنحها القدرة على الاستمرار ضمن فترتها المحددة. كما تطالب بعض أطرافها بتبني نظام الكونفدرالية والذي يتطلب تعديلاً دستورياً بإستفتاء شعبي لايتوقع ان تكون نتائجه إجابية لوجود شارع ساخط من تراكم الاخطاء وانعدام الخدمات، وكتل سياسية معارضة أشد ضراوة تستعد للانتخابات المقبلة في حال لم يتم اسقاطها خلال عامها الأول.
  2. حكومة توافقية، بنموذجها المتعارف عليه منذ تأسيس العملية السياسية الجديدة 2003، الكل يحكم والكل يعارض، وبسلبياتها الكثيرة يتقدمها الخرق الواضح لتطبيق النظام الديمقراطي الفعال والمرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات، لنعود الى نقطة الصفر ومواجهة الحراك الجماهيري أشد شراسة في مطالبته بمكافحة الفساد وتقديم الخدمات، لتكون نهاياتها بشكل أكثر عنفاً قد يصل للدموية.
  3. حكومة طوارئ (أو انقاذ وطني)، طرح البعض هذا الخيار كمنفذ بديل عن النموذجين أعلاه، الا ان إعتمادها كصيغة لإدارة الدولة يتطلب تدخل خارجي ودعم دولي وربما يؤدي الى صراع مسلح (لا سمح الله)والكتل السياسية الرافضة لهذا الخيار تعتبره نسفاً لمبدأ الديمقراطية . كما ستبقى النظرة العامة (سياسياً وجماهيرياً) تجاهها كحكومة مؤقتة أو لتصريف الأعمال، بالتالي فقدان أهم صفة تتطلبها إدارة عراق اليوم وهي الشرعية الشعبية لإتخاذ قرارات استراتيجية تعالج الأزمات المتفاقمة، ولن تمثل حكومة الطوارئ المؤسساتية اللازمة لحل مشاكل العراق المتعددة.
    خلاصة القول، ان النماذج الثلاثة السالفة الذكر تُظهر سلبياتها بجلاء، مما يعقد المشهد السياسي بشكل أكبر، ويهدد بنسف الأوضاع الداخلية من قبل شعب مستنزف لم يعد لديه ما يضحي به أكثر من أجل عملية سياسية لم يلتمس منها الا حقوق مهدورة وخدمات مفقودة وأمن مضطرب يتأرجح بين تهديدات الارهاب والجريمة المنظمة.

المبادرة المقترحة :
باستحضار أزمات الداخل وتحديات المحيط الخارجي (الاقليمي والدولي)، نجد ان الحل المنطقي والوحيد يتمثل بتشكيل حكومة وطنية مهنية من خارج الكتلتين المتنافستين، ذات طابع مستقل تعمل وفق برنامج حكومي تنفيذي يؤمّن تجاوز الفترة الحرجة 2022 – 2025 وخروج العراق من مخاطر الانهيار الغذائي والمائي والأمني والاجتماعي، وتساهم في استقرار أسواق الطاقة العالمية، بدعم السلطة التشريعية بأجنحتها المختلفة. مع إعداد مشترك من قبل السلطات الرئاسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية لإجراء تعديلات دستورية تعالج ثغرات العملية السياسية وتطرح للاستفتاء الشعبي بكل نزاهة وحيادية. مع تشريع قانون انتخابات جديد يضمن تشكيل حكومة الأغلبية تنضّج سلمية تداول السلطة وتعزز من دور المعارضة البنًاءة في العمل التشريعي وتثبيتها كحجر زاوية يقيم ويقوّم السلطة التنفيذية وليس مقعداً لإقصاء الخصوم. مع الحصول على ضمانات دولية واقليمية بإستمرار دعم العراق بمواجهة تحدياته الأمنية والاقتصادية دون تدخل أو إملاءات. لتكون الأعوام الأربع القادمة مرحلة انتقالية تهيأ لاستقرار طويل الأمد يكون العراق فيه جزء من الحل وليس المعضلة.

هذه مبادرة الخبير المهندس عامر عبد الجبار اسماعيل طرحها في 2022.04.22 خلال شهر رمضان عبر قناة السومرية وفي 2022.04.24
اي قبل انسحاب التيار الصدري من البرلمان
ترجمة باللغة الانكليزية الى الامم المتحدة وفي تاريخ 2022.04.25 عقد حولها مؤتمر في محافظة النجف الاشرف وبعد المؤتمر تم تسليمها الى مكتب سماحة السيد السيستاني

The crisis of government formation in Iraq and an initiative to address it

Amer Abduljabbar Ismail
Former Minister

With the announcement of the results of the legislative elections that took place on 10/10/2021, the Sadrist bloc called for the formation of a national majority government, in exchange for the Shiite framework forces adopting a consensual vision for the next government, and both parties have Sunni and Kurdish allies. Which was considered a mutual and continuous rejection of the scenario of the other party to end with Al-Sadr giving his opponents 40 days to form a majority government without the participation of his bloc in it, but rather to act as an opposition within Parliament in the event that the framework bloc succeeds in forming his government within the above period.

The parliamentary framework forces realize the difficulty of forming a government without Al-Sadr movement, which has popular and organized influence in a wide geography in central and southern Iraq, despite its conviction that the consensual government is the best option for it than a majority government in complex political, security and economic conditions locally, regionally and internationally.

The reality of the situation indicates the difficulty of forming a new Iraqi government, whether according to the principle of majority or consensus, with the two camps continuing to entrench themselves towards the opposite direction and more day after day, which raises the fears of the Iraqi people, who have been suffering from accumulated crises for nineteen years, which began with a fragile political process that ended with an existential threat as a result of corruption, mismanagement, weak regional communication and a lack of vision in international politics. Which caused the state to lose many opportunities, depriving the Iraqi people of stability and progress and building their successful democratic experience, leading to the global food crisis, without the existence of viable implementation solutions, and with a simple collection process, the result of which would be a hungry revolution that would shake Iraq and its repercussions threaten regional stability and open the Middle East file as a new headache that troubles the international community, which is currently preoccupied with the repercussions of the Ukrainian crisis and its irreparable human and economic losses for all parties. With the continuation of our political crisis, the crisis will continue internationally and worsen with each new day. The Iraqi people are also deprived of a historical opportunity to reap the gains of high oil prices, which is expected to continue for the next two years, and to compensate for their previous losses as a result of corruption, mismanagement and lost food security. Without a government, regardless of the form of its formation (whether a majority or a consensus), the ability to solve problems and maneuver to overcome crises decreases.

The continuation of the disagreement within the legislative authority has resulted in a political movement that favors several proposals to form the government, the most prominent of which are:

A national majority government, although this option enjoys some positive advantages, as it will bear the responsibility of managing the state, but it will in turn bear the responsibility for the failure in the internal political climate of opposition that may not give it the ability to continue within its specified period. Some of its parties are also calling for the adoption of the confederation system, which requires a constitutional amendment by a popular referendum, the results of which are not expected to be positive, as there is a
street that is discontented with the accumulation of mistakes and the lack of services, and fiercer opposition political blocs are preparing for the upcoming elections if they are not overthrown during their first year.

A consensual government, with its customary model since the establishment of the new political process in 2003, everyone rules and everyone opposes, and with its many negatives preceded by the clear violation of the implementation of the effective democratic system based on the principle of separation of powers, to return to the zero point and confront the most fierce mass movement in its demand to combat corruption and provide services, so that its ends will be more violent and potentially bloody.

An emergency government (or a national rescue), some put forward this option as an alternative to the above two models, but its adoption as a formula for managing the state requires external intervention and international support and may lead to armed conflict (God forbid), and the political blocs rejecting this option consider it an undermining of the principle of democracy. The general view (politically and publicly) of it will remain as an interim government or for the conduct of business, thus losing the most important characteristic required by the administration of Iraq today, which is the popular legitimacy to take strategic decisions that address the aggravating crises, and it will not represent the emergency government necessary to solve Iraq’s multiple problems.

In sum, the aforementioned three models clearly show their negatives, which complicates the political scene further, and threatens to undermine the internal situation by a depleted people who no longer have anything to sacrifice more for the sake of a political process from which they only sought squandered rights, lost services, and turbulent security that fluctuates between threats of terrorism and organized crime.

Suggested initiative:
By invoking the internal crises and the challenges of the external environment (regional and international), we find that the only logical solution is to form a professional national government from outside the two competing blocs, with an independent character that operates according to an executive government program that secures the critical period 2022-2025 and Iraq’s exit from the dangers of food, water, security and social collapse and contribute to the stability of global energy markets, by supporting the legislative authority with its various wings. With a joint preparation by the presidential, executive, legislative and judicial authorities to make constitutional amendments that address the loopholes of the political process and put them to a popular referendum in all fairness and impartiality. With the enactment of a new election law that guarantees the formation of a majority government, that matures the peaceful transfer of power and strengthens the role of the constructive opposition in the legislative work, and it is established as a cornerstone that establishes and evaluates the executive authority and not a seat to exclude opponents. With obtaining international and regional guarantees to continue supporting Iraq in facing its security and economic challenges without interference or dictates. For the next four years to be a transitional phase that prepares for long-term stability in which Iraq will be part of the solution and not the problem.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط