الخوف من كاخوفكا
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
وصلت الحرب الروسية الاوكرانية إلى نسف الجسور والقناطر، وتفجير السدود والنواظم، والاستعانة بالفيضانات العنيفة، والتيارات المائية الجارفة لإغراق الخنادق القتالية بارتفاع عشرة أمتار نحو الجنوب الشرقي، وقطع طرق الامدادات اللوجستية، وتهجير سكان القرى والمدن القريبة، والتي تقدر بنحو 80 منطقة سكنية. يقطنها أكثر من 22 ألف نسمة. أصبحت كلها مهددة بالغرق، ويجري الآن اخلاء سكانها ونقلهم بالقطارات إلى منطقة ميكولايف. حيث يواجه الناس الذين يعيشون في المناطق المحاذية للسد على طول نهر دنيبرو الأوكراني عواقب مباشرة لانهياره، وقد فروا بحثاً عن الأمان بكل ما يمكنهم إنقاذه، ولكن التأثير الأوسع لهذه الكارثة قد يمتد لأجيال. وستكون الأيام المقبلة كفيلة بتحديد تداعيات تدمير هذا السد على مجريات المعارك بين الطرفين. .
لا ندري حتى الآن من الذي قرر تدمير سد (نوفا كاخوفكا)، لكنه سوف يؤدى إلى عواقب بيئية وخيمة، ينتج عنها تغيير النظام البيئى فى المنطقة المحيطة بالسد وإلى الأبد. لأن انهيار السد وتحطم محطة توليد الطاقة الكهرومائية (توقف اربعة توربينات)، وتسرب 150 طنا من الزيوت المخزنة داخلها. سوف يتسبب باتساع رقعة التلوث من جهة، وجفاف الحقول الزراعية الخصبة في جنوب أوكرانيا من جهة أخرى، ناهيك عن إحداث انقلابات غير متوقعة في التوازن البيئي، وتغيير نمط الحياة، والتلاعب بخارطة أوكرانيا برمتها على مدار العقود القادمة، وبخاصة في الاوساط الزراعية والصناعية، التي تعتمد 100% على مياه السد في تلبية احتياجاتها من مياه الشرب والري. وسوف يضطر المزارعون إلى التوقف، وتضطر مدن بأكملها إلى تغيير موقعها على الخارطة. .
وقد تبادلت كييف وموسكو الاتهامات بشأن تفجير هذا السد، إذ اتهم الجيش الأوكراني القوات الروسية بتفجيره، في حين رد الروس، الذين يسيطرون على أجزاء من خيرسون، باتهام كييف بتفجيره باستخدام راجمات صواريخ. وربما تعمدت جهة ثالثة بتفجير السد وافتعال كارثة بيئية مقصودة، وبات من المحتمل توسع نطاق حرب السدود والنواظم الروسية والاوكرانية لتصبح ضمن الاهداف الحربية الاستراتيجية في التعامل بالمثل، أو بذريعة العمل بنظرية الفعل وردة الفعل، والعين بالعين، والسد بالسد، والجسور بالجسور، والقناطر بالقناطر. .
ختاماً: كيف سيؤثر تدمير هذا السد على مجرى المعارك ؟، وكيف سيؤثر انهياره على نمط الحياة هناك، ومن برأيكم الذي فجره ؟. .
انا شخصيا لا اتهم روسيا، ولا اتهم أوكرانيا ؟. وإنما اتهم جهة أو جهات أخرى سعت لتحقيق اهدافها ومآربها الخفية بعيدة المدى. .
والله أعلم. .