احفظوا اسم (علي عمار يسر) عن ظهر قلب.. فسيكون له شأن عظيم
بقلم : فالح حسون الدراجي ..
لأني رجل علماني، فمن الطبيعي ان اكون بعيداً عن (خرافات الميتافيزيقا) على حد تعبير الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود، وأن لا أؤمن بخزعبلات السحر، بشقيه الأبيض والأسود، ولا أؤمن أيضاً بالخيرة والاستخارة، وقراءة الكف، ولا في (كلاوات) الأبراج، إلا من قبيل التندر، أو المزاح مع أحد أفراد الأسرة، أو مع الأصحاب الذين يعتمدون في تفاصيل حياتهم على الأبراج وما يقوله له برجه!
لقد سقتُ هذا التنويه، ليعرف القارئ الكريم مسبقاً، ان الكلام الذي سأقوله وأبشر به لن يكون سوى قراءة واقعية دقيقة
مبنية على حسابات علمية وأساسات قوية صلبة وليس على التخمين او التنبؤ..
وعلى الرغم من توفر أغلب العناصر المطلوبة في تحقيق ما سأتوقعه بهذا المقال، إلا أني لا أجزم بتحقيقه (مية بالمية)، لأني لست قارئ غيب، ولا قارئ كف كما قلت، إنما أنا قارئ وقائع – إذا صح التعبير- وحينما تكون امام المرء مقدمات صحيحة، فمن المؤكد أن النتائج ستكون صحيحة .. ولما توفرت عندي جداول وارقام ومعلومات واقعية ملموسة عن موهبة فذة، فلن يكون صعباً عليّ أبداً قراءة مستقبل هذه الموهبة، بل ومعرفة ما ستناله من بطولات أيضاً.. وطبعاً فإن هناك احتمال عدم تطابق التوقعات مع النتائج، رغم ضعفه، فالرياضة قابلة لكل شيء إلا المطلق، فهو مستحيل في الرياضة، إذ قد تتغير النتائج في اللحظة الأخيرة من السباق.. ناهيك من المفاجآت التي تحدث أثناء المنافسة سواء من قبل التحكيم، أو باصابة المرشح الأوفر حظاً للفوز، أو قد تأتي لأسباب أخرى..
لقد كان بودي ان أبشر في هذا المقال بولادة بطلين عراقيين باهرين، وليس ببطل واحد، كما معلن في عنوان المقال، لكن البطل الأول كشف عن هويته عبر وسامين عالميين، أحدهما ذهبي، والآخر برونزي، حصل عليهما في بطولة العالم التي جرت في الرياض بالاسبوع الماضي، وبهذا الفوز الكبير، وهذا الإعلان المبكر، يكون البطل (الاول) قاسم حسن قد أفسد عليّ زهو التبشير بولادة بطلين، ولم يعد لي الحق بهذا الإدعاء أبداً، مما جعلني أخصص المقال للتبشير بالبطل (الثاني) فقط.. ولم يكن هذا البطل سوى الرباع علي عمار يسر، ابن مدينة (الثورة) المعطاء، والفتى الذي لم يتخط التاسعة عشر من عمره.. والرباع الذي سيرفع اسم العراق عالياً في السنوات الآتية .. ولا اجد حرجاً في ان أدعو العراقيين لحفظ اسم علي عمار يسر، عن ظهر قلب، فهو البطل الذي سيكون له شأن عظيم في عالم الحديد.. والرباع الذي سيبهج نفوسنا، ويدخل الفرح الى قلوبنا، ويأتي بالفخر الى كل بيت عراقي.. نعم فأنا واثق جداً من ذلك، كما أنا واثق من أن العلم العراقي سيرفع عالياً بسواعد البطلين قاسم حسن وعلي عمار يسر، على ساريات النصر في دورة باريس الاولمبية، العام 2026، بل وفي بطولات العالم القادمة أيضاً، وسيخط اسم العراق بحروف من ذهب في لوح الرياضة الأولمبية، وذاكرة التاريخ الرياضي..
ولا بأس أن أعيد هنا ما قلته في اول المقال، بأن قراءتي هذه لم تأت من باب التوقع، أو التخمين، او (الرجم بالغيب)، إنما مبنية على وقائع وأرقام، وهذا ما سأعرضه اليوم ..
حين تحدثت في مقالي السابق عن البطل العراقي (الكظماوي) قاسم حسن الفائز بالوسام الذهبي، ببطولة العالم برفع الأثقال.. ظن الكثير من المحبين وقتها أني نسيت المرور على اسم البطل علي عمار يسر، لا سيما وان هذا الفتى قد كسر الرقم العالمي في البطولة ذاتها برفعة الخطف، وأنه جاء على رأس مجموعته، رغم تعرضه للإصابة ..
ولم أعلق وقتها على ظن المحبين، لأني بصراحة نويت أن أخصص ذلك المقال، لتهنئة العراقيين بالوسام الذهبي الذي ناله قاسم حسن، وهو دون شك يستحق أكثر من مقال وأكثر من حديث، على أن أخصص المقال الثاني للحديث عن البطل (علي عمار يسر ).. وما أراه وأتوقعه من مستقبل مضيء لهذا الفتى السومري..
ومع هذا الوعد والتبشير بهذ البطل أردت ان اتعهد امام العراقيين بتحملي المسؤولية عن كل كلمة أو وعد أطلقه في هذا المقال، رغم أن التبشير بخامة شابة لم يسطع نجمها تماماً بعد، يعد مغامرة غير محمودة، ورهاناً صعباً جداً، لكني قبلت الرهان والتحدي ..! وقد يطرح عليّ سؤال عن أسباب هذه الثقة الزائدة بهذا الفتى، وبمستقبله ؟ فأجيب بشكل حاسم، وضرس قاطع، بأن إيماني بالبطل علي عمار، وثقتي بمستقبله، مبنيان على واقع حال، وليس على وهم، أو أمل، أو أمنيات، وهذا الواقع متأتٍ من خلال المنجز الباهر الذي حققه، والتقدم المتواصل الذي تؤكده تلك الأرقام الثقيلة والكبيرة التي صار يحطمها في كل مواجهة له مع الحديد.. فضلاً عن ثقته بنفسه، ودخوله حلبات الصراع مع كبار الرباعين في العالم دون خوف ولا وجل، رغم صغر سنه.. تخيلوا أن فتى في التاسعة عشر من عمره يواجه جبابرة الحديد، ويتصدر وزنه (وزن ال 109 كغم) ببطولة العالم التي أقيمت في الرياض، جامعاً 419 كغم، من خطف 198 كغم، و نتر 221 كغم، محطماً بذلك الرقم العالمي للشباب في فاعلية الخطف، والذي كان مسجلاً باسم الرباع الايراني ( يوسفي) وقدره 197 كغم .. ولعل المفرح في الامر ان أرقامه هذه، قد وضعته – حسب نشرة الاتحاد الدولي لرفع الاثقال – ضمن العشرة المتنافسين للتاهل الى أولمبياد باريس، خاصة إذا حقق رفعات أفضل، أو حافظ على الأرقام ذاتها، من خلال مشاركتين دوليتين قادمتين، إحداهما في قطر، والأخرى في المكسيك، وعلى ضوئهما يتأكد التأهيل لدورة باريس المقبلة ..
إذاً فقد بات على بطلنا (علي عمار يسر) تحسين ارقامه المسجلة أولاً، أو الحفاظ عليها ليضمن المشاركة الأولمبية .. وثانياً، يتوجب على الدولة تقديم أفضل الرعاية والتسهيلات للبطلين علي عمار يسر وقاسم حسن، وتوفير كل الوسائل والمستلزمات الفنية والتدريبية امام مدربهما القدير (صباح زيون)، كما تقع على عاتق اللجنة الاولمبية العراقية – وهي الأم والحاضنة لجميع الاتحادات الرياضية، ممثلة برئيسها الأخ العزيز والكابتن القدير رعد حمودي، بدعم واسناد هذين البطلين، وقبل ذلك أتمنى عليها تجاوز الخلافات والاختلافات مع الاتحاد العراقي لرفع الأثقال .. بل ورميها جانباً من أجل تحقيق الهدف الذي لم يتحقق للعراق طيلة أكثر من سبعين عاماً من مشاركاتنا الاولمبية: ألا وهو الوسام الذهبي الأولمبي..
وصدقاً أقول: إن أكثر من وسام ذهبي بات على بعد (شمرة عصا) من العراق، شرط أن نوفر التسهيلات والرعاية لهذين البطلين، ولمدربهما، واتحادهما..
وعلى ذمتي يتحقق ذلك ..