ليس هكذا يا أستاذ وائل
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
كيف نثق في التاريخ إذا كان الحاضر يجري تزويره أمام أعيننا ؟. .
أغرب ما سمعته هذه الأيام تصريحات الاستاذ (القاضي وائل عبداللطيف). ومعظمها متلفزة ومنشورة على منصات التواصل. يقول فيها: ان صدام حسين لم يرضخ لقرار مجلس الامن رقم 833 لسنة 1993. ولم يتنازل عن شبر واحد من أرض العراق في خيمة صفوان. وانه عندما أنسحب من الكويت أمر جيشه بالثبات والمقاومة والتخندق خلف دعامات الخطوط الحدودية مع الكويت، حتى لا يسمح لجيوش التحالف بتدنيس أرضنا، وزعم أيضاً ان الجيش ظل رابضاً بكل بسالة في أرض المعركة، ولم يتراجع بوصة واحدة، ولم ينسحب في يوم الفتك العظيم. ذلك اليوم المشؤوم الذي خسرنا فيه 70% من جنودنا في ليلة حمراء انصهرت فيها العربات والدبابات، وذاب في براكينها الجنود، فاختلط المزيج المنصهر باسفلت الطريق بالدخان الكثيف المتصاعد من الحقول المحترقة. .
ولا أدري كيف يتناقض فضيلة القاضي (وائل عبداللطيف) مع أبسط الحقائق التاريخية. وكيف يتجاهل ان صدام نفسه هو الذي تنازل لإيران عن نصف شط العرب عام 1975. وهو الذي تنازل عن الجمل بما حمل في خيمة صفوان بعد هزيمته المنكرة في حرب الخليج الثانية. .
والانكى من ذلك ان الجهات المعنية في العراق لم تدحض تصريحات السيد وائل، ولم تنبري للرد على تزييفه للحقائق، وتحريفه للتاريخ، وتشويهه للوقائع المؤلمة، التي شهدناها وتعايشنا معها بكل تفاصيلها المخزية والمحزنة والمُذلة. .
لقد قدم لنا الأستاذ وائل في هذه التصريحات صورة مقلوبة وغير حقيقية لمواقف النظام السابق. . صورة يتغافل فيها عن التنازلات السخية عندما منح مساحات واسعة من ارضنا ومياهنا إلى دول الجوار. ومتجاهلا تنازلاته الحدودية المتوالية إلى الاردن والسعودية وايران والكويت. .
واللافت للنظر ان السيد وائل يتعمد نسف الحقائق بضمنها الحقائق الحدودية التي دوّنها هو نفسه بخط يده في كتابه الموسوم: (الكويت كانت هناك) الصادر عام 2020 عن مؤسسة ثائر العصامي. .
وكان الله في عون القارئ والمشاهد والمتلقي العراقي الذي يسمع هذه الأيام تصريحات مضللة. لا يعرف اسبابها ودوافعها ومبرراتها. .