ما الذي تريده ألمانيا من غزة ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا شك ان علاقة قطاع غزة بألمانيا مثل علاقة قرية الصويرة في العراق بمدينة روتردام الهولندية، حيث لا روابط جغرافية ولا سياسية ولا تاريخيّة تجمعهما مع بعضهما البعض. ولا علاقة لكتائب القسام في غزة بنيران الهولوكوست التي أضرمتها ألمانيا بين عامي 1933 – 1945، ومارست فيها الإبادة الجماعية ضد اليهود. ومع ذلك تعالوا شوفوا الضجة التي كان بطلها رئيس الوزراء الألماني الحالي (أولاف شولتس). فقد ظهر هذا المتصهين في أكثر من تصريح قال فيه: (لإسرائيل الحق المطلق في الدفاع عن نفسها كيفما تشاء وبالطريقة التي تراها مناسبة، ولها الحق بقتل كل من يرفع السلاح بوجهها في غزة)، وقال أيضاً: (ان المصلحة العليا لألمانيا مرتبطة ارتباطاً وثيقا بحق إسرائيل في الوجود). وتكررت مواقفه الداعمة لنتنياهو على الرغم من محارق الهولوكوست التي أضرمها النتن في غزة، وراح ضحيتها حتى اللحظة أكثر من 21000 من المدنيين جلّهم من الأطفال والنساء. .
إما تصريحاته التي أغضبت الشعب الألماني فهي التي قال فيها: (ان أمن اسرائيل من أمن ألمانيا، والعكس صحيح. ولن تستقر الحياة في ألمانيا ما لم تنعم اسرائيل بالاستقرار، ويتعين على الجيش الألماني الدفاع عن مستوطنات اليهود في غلاف غزة). .
لقد تسبب هذا الرجل بتصدع جدران الاقتصاد الألماني بسبب دعمه اللا محدود لأوكرانيا في حربها مع روسيا، وهو الآن يستصغر مكانة الشعب الألماني ويضعه في خدمة كيان لقيط لا يحترم القوانين ولا الأعراف الدولية. .
من يراجع الصفحات المحفوظة عن المجازر النازية في ألمانيا يجد ان أجداد شولتز نفسه هم الذي شاركوا بقتل ملايين اليهود في الحرب العالمية الثانية وليس أجدادنا، وهذا يفسر تهافته لتقديم فروض الولاء والطاعة إلى العصابات الصهيونية معتقداً أن خدماته كفيلة بتجميل صورة أجداده، وهو يعلم علم اليقين أن عدد الذين قتلهم أجداده أثناء الحرب العالمية الثانية من أبناء العرق السلافي (المدنيين) يعادل عدد القتلى اليهود. فلماذا لا تشعر برلين بضرورة حماية هؤلاء أيضا ؟. .
ينبغي ان لا نعتب على شولتز، فالرجل ليس من أبناء عمومتنا، ولا تربطنا به روابط الإنتماء، ولكن ما بالك بقادة العرب الذين هرعوا للتضامن مع ماكرون بعد سقوط 12 فردا فقط من العاملين في صحيفة فرنسية، فسار السيسي ومعه السفرجي محمود عباس وعبدالله الثاني في الصف الأول جنبا لجنب مع نتنياهو في تظاهرة رئاسية جابت شوارع باريس، لكنهم رفضوا التضامن ولو بكلمة مع 21 ألف شهيد سقطوا في غزة، بل إنهم شاركوا في فرض الحصار عليهم وحرموهم من الغذاء والدواء ؟. فلا تندهش عندما تسمع قناة العربية تخبرك: (ان المقاومة الاسرائيلية تتصدى لصورايخ غزة الارهابية). لا ريب إنها النذالة في أبشع صورها. .