المقالات

تقرير خاص – تداعيات تفعيل آلية “سناب باك” ضد إيران: رؤية وتحليل استراتيجي

إعداد الحقوقية هاله التميمي ..

ألمانيا تتحرك: لعبة الكبار تتسارع… فهل ترد روسيا والصين؟

في 15 يوليو، أعلنت ألمانيا عن نيتها تفعيل آلية “سناب باك” ضد إيران عبر مجلس الأمن الدولي، وهي خطوة حاسمة تعيد فتح ملف العقوبات الشاملة التي جُمّدت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. هذا التحرك لا يأتي من فراغ، بل يمثل بداية تحول استراتيجي في تموضع برلين، ويثير تساؤلات حول التوازنات الدولية القادمة.
ما وراء القرار الألماني؟

  1. تحرك أمني مغلف بالدبلوماسية:

ترى ألمانيا في تصعيد إيران لبرنامجها النووي وتورطها في دعم أذرع مسلحة إقليمية تهديداً مباشراً لأمن الشرق الأوسط، وبالتالي لأمن أوروبا. برلين لا تنتظر ضربة نووية، لكنها تتحرك ضد ما تعتبره “الانفجار البطيء” الذي تصنعه طهران.

  1. إعادة التموضع مع الحلف الأطلسي:

برلين تبحث عن ترميم علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، خصوصاً بعد سنوات من التباعد. وهي تدرك أن سياسة الحزم تجاه إيران تعيدها إلى قلب القرار الغربي.

  1. الحرب الأوكرانية تلقي بظلها:

الدعم الإيراني لروسيا – تحديداً عبر الطائرات المسيّرة – لا يمكن فصله عن قرار ألمانيا. فالدولة الأوروبية تجد نفسها مجبرة على كبح مصادر القوة الروسية غير المباشرة، وإيران إحدى هذه المصادر.
هل تنتج العقوبات الألمانية نتائج حقيقية؟

السناب باك، من حيث التقنية القانونية، لا يحتاج إلى إجماع، بل يعمل تلقائيًا بعد الإشعار. ولكن فاعليته تعتمد على “تطبيقه الفعلي”، أي التزام الدول به، خصوصًا الدول الكبرى.

إذا التزمت الدول الأوروبية، سيتعزز الحصار المالي والتجاري على إيران.

أما إذا تراجعت فرنسا أو ترددت بريطانيا، فقد يتحول القرار إلى مجرد موقف رمزي.

كيف ترد موسكو وبكين؟

روسيا. ستتعامل مع القرار كجزء من مشروع تطويق استراتيجي غربي لها.

وقد تُصعّد تعاونها مع إيران، سياسيًا وعسكريًا.

وتفتح الباب أمام بيع أسلحة نوعية لطهران مقابل دعمها في حرب أوكرانيا.

ترى بكين أن خنق إيران يعني تهديد خطوط إمداد الطاقة الحيوية.

من المتوقع أن تتجه لتعزيز التبادل التجاري مع إيران وتوفير ممرات التفافية للعقوبات.

وقد تعتبر هذه الخطوة محاولة لإضعاف قوى أوراسيا الصاعدة.

ألمانيا تحاول إعادة الانسجام مع الولايات المتحدة، خاصة بعد خلافات سابقة في عهد ترامب. بإظهار الحزم تجاه إيران، تعطي برلين إشارة واضحة أنها تواكب الخط الغربي الموحد في مواجهة طهران.

النتائج المتوقعة على المستوى الإقليمي والدولي

  1. تصعيد سياسي في الخليج:
    دول الخليج قد ترحب بالخطوة الألمانية، لكن القلق من التصعيد الإيراني سيكون حاضراً، خصوصاً على مستوى الميليشيات في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
  2. تحول إيران نحو الشرق أكثر من أي وقت:
    طهران ستجد نفسها تدفع بثقل أكبر باتجاه موسكو وبكين، مما يسرّع تشكل محور “الرد على الغرب” في الشرق الأوسط وآسيا.
  3. العراق بين الضغطين:
    العراق سيكون من أوائل الدول التي تتأثر بالقرار، إذ أن أي توتر إضافي في العلاقة الغربية–الإيرانية ينعكس مباشرة على وضعه السياسي والأمني والاقتصادي.
    إذا دعمت باريس ولندن الطلب الألماني، فقد يتم تفعيل العقوبات الشاملة تلقائياً حسب آلية “السناب باك”، وهو ما سيعيد إيران إلى ما قبل اتفاق 2015.

ألمانيا لا تعاقب إيران فقط، بل تُطلق إشارة: “أوروبا لن تصمت بعد اليوم”.
لكن هذه الإشارة قد تُقرأ في بكين وموسكو كإعلان تصعيد وليس تهدئة.
والسؤال المفتوح:
هل يتحول القرار الألماني إلى نقطة توازن… أم إلى شرارة مرحلة جديدة من المواجهة الدولية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى