المقالات

بوابة رقمية، إدارة ذكية.. التحول الإلكتروني في الجامعات العراقية

بقلم : علي الحاج ..

في ظل التسارع الهائل الذي يشهده العالم في ميدان التكنولوجيا، لم يعد من الممكن أن تبقى الجامعات محاصرة بالورق والروتين الإداري التقليدي. وقد استوعبت وزارة التعليم العالي في العراق هذه التحولات مبكراً، فوضعت التحول الرقمي في مقدمة أولوياتها الاستراتيجية منذ عام 2022، بهدف بناء منظومة تعليمية حديثة، شفافة، ومتاحة للجميع. وخلال ثلاث سنوات فقط، شهدت الجامعات العراقية نقلة نوعية من خلال تنفيذ أكثر من 120 نظاماً إلكترونياً داخلياً، تشمل إدارة البحوث العلمية، والموارد البشرية والمالية، وشؤون الطلبة منذ التسجيل وحتى التخرج، إلى جانب نظم خاصة بالدراسات العليا والامتحانات وتقييم الأداء.

هذا التحول لم يكن مجرد إدخال تقنيات جديدة، بل شكّل إعادة صياغة جذرية لفلسفة الإدارة الأكاديمية، وتُوِّج بإطلاق بوابة إلكترونية مركزية بتصميم احترافي شامل، تحتوي على معلومات دقيقة ومحدثة عن الجامعات والكليات والتخصصات، وتوفر روابط مباشرة للتقديم على الدراسات والبعثات وبرامج التقييم، بالإضافة إلى خدمات استعلامية مخصصة للطلبة وأعضاء الهيئات التدريسية. هذه البوابة صممت لتكون مرنة وسهلة الاستخدام، متاحة على مدار الساعة، وموصولة بشكل مباشر بين مركز الوزارة ومؤسسات التعليم العالي في عموم البلاد.

ومن أبرز ثمار هذا التحول كان أتمتة إجراءات التقديم على البعثات والزمالات والدراسات العليا، إلى جانب رقمنة مراحل الترشيح، والمقابلات، وإعلان النتائج، وهو ما أسهم بشكل كبير في تقليص التدخلات البشرية والحد من الوساطات، ورفع مستويات العدالة والشفافية. لم يعد الطالب مضطراً للوقوف في طوابير طويلة أو التنقل بين الدوائر، فكل المعاملات والإجراءات أصبحت تتم إلكترونياً وبكل سهولة.

ومن خلال هذه الأنظمة الإلكترونية المركزية، باتت الوزارة تتابع أداء الجامعات بشكل لحظي، وتقوم بتحليل البيانات المتعلقة بالطلبة والتدريسيين، وإصدار تقارير إحصائية دقيقة تعزز من كفاءة القرار الأكاديمي والإداري. وبهذا التحول أصبحت وزارة التعليم العالي نموذجاً رائداً في الحوكمة الإلكترونية، يُحتذى به في مؤسسات الدولة الأخرى.

ورغم أن الطريق لم يكن ممهداً بالكامل، فقد واجه المشروع تحديات تمثلت في ضعف البنى التحتية في بعض المحافظات، والحاجة إلى تدريب الكوادر الأكاديمية، إضافة إلى مقاومة التغيير من بعض الإدارات التقليدية، إلا أن الوزارة واجهت هذه التحديات باستثمار جاد في التدريب والتوعية، وتوفير دعم فني مستمر، حتى أصبحت الرقمنة ثقافة مؤسساتية، لا مجرد أدوات تقنية.

التحول الرقمي لم يكن مجرد “موقع إلكتروني”، بل مشروع إعادة تصميم شامل لمفهوم الإدارة الجامعية. وبين عامي 2022 و2025، أصبحت التكنولوجيا لغة التعليم في العراق، وفتحت بوابة المستقبل أمام الطلبة والأكاديميين نحو بيئة تعليمية أكثر كفاءة وعدالة واستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى