سلاح المقاومة… ضمانة الأمن أم وصفة للفوضى؟
بقلم: سمیر باكير ..

في ظل مشهد إقليمي متوتر، واحتلال إسرائيلي ما زال جاثماً على جزء من أرض الجنوب اللبناني، وضعف الجيش الوطني من حيث التسليح والقدرات الدفاعية، يطرح البعض مشروع نزع سلاح حزب الله، في توقيت يبدو أقرب إلى المغامرة السياسية منه إلى أي رؤية استراتيجية.
إن قراءة هادئة لمعادلات القوة في المنطقة، وخبرة اللبنانيين الطويلة مع العدو، تكشف أن المضي في هذا الخيار سيحمل للبنان مخاطر وجودية، من أبرزها:
۱. إزالة عنصر الردع الوحيد الذي حال دون تكرار سيناريو اجتياح 1982، وترك الحدود الجنوبية مكشوفة أمام أي عملية عسكرية مباغتة.
۲. إفقاد لبنان وزنه التفاوضي في ملفات حيوية كالحدود البحرية والبرية وحقول الغاز، إذ أن القوة التفاوضية ترتكز على توازن الردع لا على النوايا الحسنة.
۳. تمكين إسرائيل من فرض معادلات أمنية جديدة على الأرض، كإقامة مناطق عازلة أو نقاط مراقبة دائمة داخل الأراضي اللبنانية، بحجة “الفراغ الأمني”.
۴. توسيع شهية العدو نحو التمدد والضغط السياسي، بعدما يدرك أن الدولة اللبنانية بلا أنياب ولا قدرة على الرد العملي.
۵. إضعاف الجبهة الداخلية عبر إشعال الجدل والانقسام حول هوية لبنان الدفاعية، ما قد يخلق بيئة خصبة للتوترات الطائفية والسياسية.
۶. تشجيع القوى المتطرفة والعملاء المحليين على إعادة تنظيم صفوفهم والتحرك بحرية أكبر في ظل غياب قوة ردع ميدانية.
۷. إخضاع لبنان بالكامل للمظلة الدولية التي أثبتت التجارب أنها عاجزة أو غير راغبة في ردع الاعتداءات الإسرائيلية (كما في حروب 1993، 1996، و2006).
۸. ضرب موقع لبنان في المعادلة الإقليمية وتحويله من لاعب مؤثر يمتلك أوراق ضغط إلى ساحة مفتوحة تتلقى الضغوط والإملاءات.
۹. تآكل ثقة الشارع بقدرة الدولة على حماية المواطنين، وهو ما سينعكس في هجرة العقول ورؤوس الأموال بحثاً عن الأمان.
۱۰. فتح الباب أمام إعادة إنتاج الوصاية الخارجية تحت شعار “حماية لبنان” في حين أن الهدف سيكون التحكم بمساره السياسي والاقتصادي.
إن سلاح المقاومة، الذي ظل موجهاً نحو العدو الخارجي ولم ينخرط في صراعات الداخل، يمثل في هذه اللحظة الحرجة أكثر من مجرد أداة عسكرية؛ إنه مظلة ردع تحفظ الكيان من الانهيار أمام أطماعٍ معلنة. إن نزعه اليوم، بلا بديل وطني قوي، هو خطوة محفوفة بالمخاطر، قد يدفع ثمنها لبنان سيادةً وأمناً واقتصاداً.