الحريديم: زلزال عنيف يهدد إسرائيل
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بداية ينبغي ان نأخذ بعين الاعتبار قوة ونفوذ وعناد وصلابة طائفة الحريديم، التي تشكل نحو 13.3% من تعداد اليهود في إسرائيل. فهي طائفة شديدة التدين. متعاطفة جدا مع الفلسطينيين. ترفض الرضوخ لقانون الخدمة العسكرية الإلزامية. تعارض الديمقراطية. تمنع الاختلاط بين الجنسين. يقول اتباعها إنهم يحملون السلاح الروحاني وينبذون السيوف والبنادق. ومع ذلك ظلت هذه الطائفة تحاول من خلال جماعة (شاس) الذين يمثلون السفارديم، أو من خلال حزب (يهودوت هتوراه) الذي يمثل الأشكناز، الحصول على المزيد من الدعم المالي لمعابدهم ومدارسهم وشؤونهم الخاصة. .
بدأت الشرارة الأولى للزلزال عندما أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا، أمراً بتجميد أموال مدارسهم الدينية، وحرمانهم من المعونات الخارجية. وتضييق الخناق عليهم. ثم جاء مشروع قانون التجنيد الإلزامي الذي تعتزم إسرائيل مناقشته هذا الأسبوع، ليزيد من خطورة التصدع في جدران الكيان المهدد بالانهيار من الداخل، خصوصا بعدما نشرت وسائل الإعلام جزءا من التشريع المقترح، الذي يلغي إعفاء الحريديم من الانضمام إلى الخدمة العسكرية الإلزامية. .
يأتي مشروع القانون الجديد في أوقات عصيبة تكبدت فيها إسرائيل هزائم متلاحقة، ما اضطرها إلى استدعاء آلاف الجنود للمشاركة في الحرب على قطاع غزة، والتحشيد في الجبهة الشمالية على حدود لبنان منذ 6 أشهر. .
وبالتالي فان اي قانون حول إلزامية تجنيد الحريديم سوف يصبح نقطة خلاف رئيسية. يتم على إثرها تفكيك الحكومة وانهيارها، والذهاب إلى انتخابات مبكرة. أما إذا أصرت الحكومة على تجنيدهم بالقوة فذلك يعني تمزق المجتمع اليهودي، ونزوح الحريديم كلهم خارج اسرائيل صوب ارض الشتلات. .
وعلى السياق نفسه يُشكِّل إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية جدلاً واسعا بين ابناء الطوائف اليهودية الأخرى، التي تطالب بالمساواة في اداء الخدمة العسكرية. .
وهكذا تراكمت عوامل التشقق والتمزق بين المكونات اليهودية داخل إسرائيل، في الوقت الذي أدان فيه يهود أوروبا وامريكا حملات الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة، واصبحوا على قناعة تامة أن اسرائيل تحولت إلى صنم زائف استخدمت اليهودية لتبرير ممارساتها الشاذة. .