بلاويكم نيوز

حقوق العرب داخل اوطانهم

0

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

يتمتع العرب في مجتمعاتهم بهامش كبير من (الحريات) قلما تجدها في المجتمع النرويجي أو الفنلندي، وليس لها مثيل في حياة النيوزلنديين والماليزيين. .
فالعربي هو المواطن الوحيد التي يحق له البقاء في بيته حتى لا يرهق حنجرته بالهتاف مع المعتصمين في الساحات والشوارع دعما للقضية، وذلك حرصا من عناصر أمن الدولة على سلامته. وحتى لا يتهمه المطبّعون بمعاداة السامية. لكن الدولة نفسها تمنحه الحرية الكاملة في التظاهر كيفما يشاء خارج حدودها وبعيدا عن أنظارها. .
وفي سياق آخر تمنحه الدولة حرية إطلاق النيران بالذخيرة الحية للتعبير عن فرحته وحبه لمنتخب بلاده الفائز ببطولة كرة القدم، أو إطلاق النيران بمناسبة زواج خالته أو بنت خالته، أو عند نجاح ابنه الفاشل في اي مرحلة دراسية متأخرة من مراحل التعليم. .
والعربي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع بالحرية المطلقة في اظهار حبه للسلطة الحاكمة، أو ابداء الولاء للأسرة الأميرية، أو التغني بأمجاد الزعيم القائد الضرورة. وهي حرية مكفولة بفتاوى شرعية اطلقها فقهاء الدولة، فمنحوا المواطن حرية الصمت والسكوت والقبول بما يفعله ولي الأمر حتى لو كان يزني وينهب، وحتى لو خلع ثيابه كلها، و وقف عاريا في شرفته الرئاسية. .
والعربي هو المواطن الوحيد في كوكب الأرض الذي يحق له الانتماء إلى التنظيمات الحزبية المسلحة. وهو الوحيد الذي يحق له ترك الدوام الرسمي في المؤسسات الخدمية أو المعاهد التعليمية، ومغادرتها بناءً على توجيهات القيادات الوطنية العليا. ومن دون ان يحاسبه احد. .
لقد تفوقت بعض الأنظمة العربية (وليست كلها) على الأنظمة الدولية في تكريس اهتماماتها بسلامة المواطن والحفاظ على حياته، فوزعت نقاط التفتيش على امتداد الطرق البرية وفي المعابر الحدودية. تسأل المواطن عن أسباب سفره. لماذا غادر ؟. ومتى عاد ؟. وربما قادها حبها للمواطن وحرصها على صحته إلى احتضانه ورعايته في زنازين السجون والمعتقلات حتى لا يتسبب بإيذاء نفسه أو إزعاج جيرانه. .
فالمعنى الحقيقي للحرية المعتمدة في مناهج معظم الأنظمة العربية هي التحرك في ضوء مزاج الدولة ورغباتها، أو بموجب الضوابط التي رسمتها السلطة الحاكمة. وبالتالي فأن الحرية في الفكر السيادي العربي تعني الحق في أن تفعل ما تفرضه عليك السلطة الحاكمة. .
فنحن أحرار بمقدار ما يسمح لنا رجال الأمن والمخابرات. حيث لا قيمة للوطن عندما تصبح المغادرة منه حلم الجميع. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط