بارزاني في طهران ، امام مهمة صعبة!
بقلم : محمد واني ..
العراق والمنطقة بشكل عام تشهد حراكا سياسيا ودبلوماسيا ساخنا وزيارات متبادلة بين زعماء المنطقة لم تشهده منذ ثورة الربيع العربي عام 2011 ، وخاصة بعد احداث 7 اكتوبر والحرب غير المتكافئة بين اسرائيل وقطاع غزة والتي خلفت ورائها ضحايا مهولة ، اثرت بشكل كبير على الضمير العالمي من خلال مظاهرات عارمة عمت المدن الامريكية والاوروبية تنديدا بالاعتداء الاسرائيلي ، ومن ثم دخول ايران وتوابعها في لبنان واليمن والعراق بشكل مباشر في الصراع ، الامر الذي اثار مخاوف الامريكيين والغربيين من توسيع رقعة الحرب لتشمل المنطقة باكملها ، ورغم مشاركة ايران المباشر في الحرب ضد اسرائيل ، لكنها رأت ان الحرب يجب الا تمتد الى خارج حدود اسرائيل وفلسطين!
ولم تكن الزيارة التي قام بها رئيس حكومة اقليم كردستان في شهر ايار الماضي الى امريكا الا محاولة امريكية غربية لابقاء الصراع في دائرة ضيقة وحل مشاكل دول المنطقة بطرق الحوار الدبلوماسي .
اعقبت زيارة رئيس الحكومة الكردية ، زيارة اخرى مهمة في نفس الشهر لرئيس الوزراء العراقي الى واشنطن واجتماعه بالرئيس “جوبايدن” وفور عودته الى بغداد ، تم اطلاق رواتب موظفي الاقليم!
وكذلك الامر بالنسبة لزيارة الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان”بمعية وزير دفاعه وخارجيته الى العراق واقليم كردستان في توقيت واحد وهو شهر ابريل الماضي ، فان الزيارة جاءت متوافقة تماما مع الاستراتيجية الامريكية القاضية بضرورة تهدئة الاوضاع وتصفية الخلافات بين القوى المؤثرة في المنطقة وعدم توسيع مساحة الحرب الجارية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبحسب اللقاءات والاتفاقات الامنية والسياسية والاقتصادية التي عقدت بين الطرفين التركي والعراقي ، فان الزيارة كانت ناجحة في ايجاد مخرج للقضايا الشائكة مثل المياه والنفط وزيادة حجم التبادل التجاري!
وطبعا لم تتخلف ايران عن هذا الحراك السياسي الجاري في المنطقة ، بل شاركت فيه بقوة ، فما ان ودع اردوغان العراق وعاد الى تركيا حتى ارسلت دعوة رسمية الى رئيس اقليم كردستان “نيجيرفان بارزاني” لزيارة طهران والالتقاء بكبار المسؤولين لبحث المسائل المشتركة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية (ابراهيم رئيسي)..
من المعروف عن “نيجرفان” من خلال عمله السياسي الطويل وزياراته المكوكية الى بغداد وسعيه لتقريب وجهات نظر الاطراف السياسية المختلفة ، فانه لا يفوت اي فرصة سانحة لحل المشاكل مهما كانت مستحيلة وغير قابلة للحل سواء بين اربيل وبغداد اوبين الاطراف الكردية المتنازعة داخل الاقليم ، وقبيل زيارته الى طهران بيومين التقى في بغداد بالمسؤولين ورؤوساء الاحزاب والميليشيات وتوصل معهم الى اتفاق ضمني لحل الازمات العالقة ، وحسب المصادر الصحفية فان رئيس الاقليم بحث مع المسؤولين الايرانيين عدة ملفات مفصلية منها ؛ تعزيز العلاقة الثنائية بين الطرفين وحل الخلافات بينهما وتهدئة قلق ايران من تطورات العلاقة بين اربيل وانقرة عقب زيارة (اردوغان)، وملف الامن والحدود الذي يتصدر المباحثات ، وقد تعرضت اربيل الى سلسلة ضربات صاروخية مدمرة من قبل القوات الايرانية بحجة وجود قواعد اسرائيلية”وهمية” قد نفتها اربيل وبغداد هذه التهمة مرارا ، وكذلك ملف العلاقة السيئة دائما بين بغداد واربيل والعقوبات الاقتصادية الصارمة التي تفرضها بغداد على الشعب الكردي و قرارات المحكمة العليا ضد كوتا المكونات في الاقليم وفرض موعد للانتخابات بشكل تعسفي وغيرها من الملفات الساخنة التي تعكر العلاقة بين البلدين الجارين!
ورغم العلاقة السيئة بين الطرفين فان ايران تدرك جيدا مدى اهمية الاقليم الجيوسياسية لها ولايمكن التفريط بها ، اضافة الى موقعه المهم في وسط منطقة صراع “دولية” ، فانه يعتبر موطيء قدم استراتيجي لامريكا والدول الغربية في المنطقة التي تعتبر معادية لها ، بالاضافة الى اهميته الاقتصادية حيث يعتبر اكبر الاسواق للبضائع الايرانية والتركية حيث يصل حجم التبادل التجاري بينهم الى الاف المليارات من الدولارات!
واخيرا الاستقبال الكبير والحفاوة البالغة التي تم استقبال رئيس الاقليم بها في طهران تدل على مكانة الاقليم ورئيسه عند ايران ودول المنطقة!