بقلم : فراس الحمداني ..
يقول الشاعر أبو فراس الحمداني الذي وقع في أسر الروم لست سنين كاملة بعيداً عن أهله ودياره وهو يصف حاله في السجن وما يكابده من عناء وحزن مخاطباً حمامة كانت تنوح بقربه لعلها تشعر بما فيه من ذلك الحزن والأسى الذي يأكل منه الروح ويفجع القلب والوجدان .
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
مَعاذَ الهَوى ماذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ
عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ
أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالِي أُقاسِمكِ الهُمومَ تَعالِي
تَعالَي تَرَي روحاً لَدَيَّ ضَعيفَةً
تَرَدَّدُ في جِسمٍ يُعَذِّبُ بالِ
أَيَضحَكُ مَأسورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
وَيَسكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
لَقَد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ
هذه القصيدة البليغة خير تعبير عن الحزن المكبوت الذي يطبع نفس الرجل المأسور خاصة حين يشعر بالظلم ويبحث عن الحرية وينتظر أن يكون محلقاً بعيداً في فضاء مفتوح ليشعر بإنسانيته خاصة حين يعيش تجربته وحيداً خلف القضبان والأسيجة الجارحة ولا يستطيع أن يعيش إنسانيته كما ينبغي ولا يصل صوته إلى أهله ولا يستمتع بصوت طفله وكلمات صديقه الذي طالما نادمه وجلس معه وسارا في طريق واحد وتبادلا الضحكات والأسرار وكانا يحتفظان برغبات مشتركة وأمنيات متشابهة وأحلام أربكتها السنوات وحيرتها المعاناة ويظل يكابد الألم وهو ينتظر الرحمة التي قد تنزل وتخلصه مما هو فيه .
دولة رئيس الوزراء … السجن موت بطيء يصعب التحرر منه والخلاص من عذاباته وصحيح أن هناك قتلة ومجرمين وإرهابيين وهناك تجار مخدرات وسراق ومزورين ومحتالين وهؤلاء لا يستحقون العفو لأن الجريمة طبعت سلوكهم لكن هناك من يستحق أن يشمل بالعفو ممن لم تتلطخ يده بدماء الأبرياء ولم يتاجر بحياة الناس وتشير تصريحات سابقة لنواب في البرلمان إلى إستثناء جرائم الإرهاب والمخدرات وسرقة المال العام وتجارة الأعضاء البشرية وتجارة الآثار والجرائم التي تمس أمن الدولة وأن العفو يشمل الأبرياء والجرائم التي لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بالإرهاب والمخدرات وسرقة المال العام .
لقد مر العراق بظروف صعبة ومعقدة وغير مسبوقة وأرتكب مواطنون مخالفات وجنح ووقعوا ضحية المكائد والخداع ولديهم أسر تنتظرهم ولم يرتكبوا جرائم القتل والتزوير وذهبوا ضحية معلومات مغلوطة أو ما يسمى بالمخبر السري الذي تحول إلى كابوس مزعج يخشاه الناس وهو نتاج الظروف الإستثنائية التي مر بها العراق خلال السنوات الماضية .
ويبقى من واجب القوى السياسية الواعية والقيادات صانعة القرار أن تتحرك بالإتجاه الذي يضمن أن يذهب قانون العفو العام إلى الوجهة الصحيحة ويستفيد منه من طال إنتظاره في السجون ويعود إلى أهله وحياته العادية ويباشر أعماله لينظر إلى الحياة من منظار آخر أكثر وضوحاً ويعرف قيمة الحرية والعمل والإنطلاق في الحياة مستفيداً من تجربته الصعبة تلك ويلتزم بالقوانين والأحكام ولا يتجاوزها مطلقاً لأن الإلتزام بالقانون وتطبيقه أمر يجعل من الحياة أكثر تنظيماً وواقعية وقبولاً لتكون آمنة للعيش والكفاح والبحث عن الطموحات المشروعة . Fialhmdany19572021@gmail.com