أمة متآمرة على نفسها
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هل لاحظتم كيف نجحت الأمة العربية في إنتاج مشايخ يتألمون جدا إذا أخرجتم زكاة الفطر نقدا، ولا يتألمون إذا خرج أهلنا في غزة مذعورين مطرودين من ديارهم ظلما وجورا. .
وهل لاحظتم كيف نحدثهم عن حملات التهجير فيحدثوننا عن موجبات التكفير. نحدثهم عن ضراوة تعدد الغارات فيحدثوننا عن حلاوة تعدد الزوجات، نحدثهم عن الانفتاح فيحدثوننا عن النكاح. الزمن الآن للسرسرية، والحقائق هذه الايام عبارة عن اوهام متعفنة بروائح الغمان والدهماء. نحن في زمن لا يخجل فيه الفصاصيع (مفردها فصّوع) من نشر سموم التفاهة، في حين يخجل الوطنيون من إظهار مشاعرهم المكبوتة، ويبقى الزمن للمتحاصصين الذين تقاسموا غنائم السيرك السياسي. .
نحن فعلا في زمن السفاهة، فقد ولى زمن العباقرة، واصبح العالم مكانا تُحتقر فيه المواهب والإبداعات، حيث تسود الانتهازية والنفعية، لا يحتاج مجتمعنا إلى عقول راجحة بل إلى عجول مقنعة بآدمية مصطنعة، فالذكاء هنا من اكبر اللعنات على حامله، الناس لا يحتملون الأذكياء ولا يحبونهم، فالذين يعبرون عن افكارهم المنتجة يُدرجون في قوائم المتمردين على السلطة. .
لقد تعرضنا للكذب والخداع. كذبت علينا الاحزاب والحكومات، واشترك معهم الشعب نفسه في خذلاننا والتحايل علينا، اخبرونا باشياء لم تكن صحيحة، اما بسبب خبثهم أو بسبب تواطؤهم، حتى أضعنا الخيط والعصفور، كذبوا علينا لسنوات وقرون ومنذ العصور الاولى، حتى اصبحنا عبيدا لهم ولافكارهم الملوثة، اما ان نطيعهم على مضض، أو نموت قهرا في الزنازين المعتمة، لا يريدونك ان تقول ان الدواعش كانوا أرهابيين وقتلة، لانهم هم الذين صنعوا الدواعش ومنحوهم المال والسلاح، وأمروهم بقتلنا وتفجير منازلنا. .
هل سمعتموهم يلومون الصهاينة بأن ظلمهم للشعب الفلسطيني هو الذي تسبب بأحداث طوفان الأقصى ؟. انظروا كيف يتهجمون ليل نهار ضد رجال المقاومة. هل علمتم الآن لماذا قال الله جل شأنه: ((إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا)). .
اما الآن وبعدما فشلت إسرائيل في احتلال قطاع غزة، انظروا كيف تنادوا ليستروا عوراتها، ويشكلوا درعا واقيا ينتشلها من السقوط في الهاوية. لم يحاربوا يوما من أجل فلسطين. بل كانوا يحاربون من أجل بقاء إسرائيل. كذبوا علينا في الماضي، ثم افتضح امرهم بعد تسعة شهور خذلوا فيها غزة، وسارعوا لنجدة النتن ياهو، ويعدون العدة الآن لإدخال جيوشهم ليدافعوا عنه وعن بن غفير وتابعه سموتريتش. .