بلاويكم نيوز

صابرون: يتأقلمون ولا يتكلمون

0

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

نخشى ان نصل إلى اليوم الذي يُمنع فيه الأذكياء من التفكير حتى لا يسيئوا إلى الحمقى. مشكلتنا ان الأغبياء واثقون من انفسهم دائما، وغالبا ما يضطر العقلاء إلى إثبات مهاراتهم امام الحمقى. .
فمن ابسط خطوات الإصلاح القديمة والحديثة، والمعمول بها في كوكب الأرض، وفي كواكب المجموعة الشمسية كلها. هي: ان تضع الدولة الشخص المناسب في الموقع المناسب. . وهذه البديهية يعرفها الجاهل والمتعلم، وتعرفها قطعان الدواب والماشية، فالحيوانات بشكل عام تتخذ قراراتها الجماعية لاختيار من يقودها ويتحكم بها. فتنتخب الأفضل والأقوى. لأنها تدرك تماما أنها إذا اختارت القائد الخطأ، فسيكون لذلك عواقب وخيمة. فالقرارات الصائبة هي التي تضبط التوازن. . حتى أسراب الطيور والحشرات هي الأخرى لديها قواعدها الخاصة في اختيار الأكفأ لقيادتها. وعلى هذا السياق سارت الشعوب والامم في الاتجاهات الصحيحة. لكن المؤسف له انك لن تجد من يعمل عندنا بهذا النهج القويم. ولا وجود لمن يهتم بالاختصاص المهني، ولا أحد يحترم تراكم الخبرات والمهارات العلمية واللغوية والفنية. .
احيانا تجد سائق رافعة شوكية يرتقي فجأة ليصبح بين ليلة وضحاها من اصحاب الدرجات الوظيفية العليا، وتناط به ادارة اكبر الشركات الحكومية. وكم من ديك صدَّق ان الشمس تشرق بصياحه !؟!. .
خذ على سبيل المثال النظام الدولي لسلامة السفن والموانئ (ISPS)، الذي اختارت له الدولة العراقية عام 2007 فلاحاً من مزارع المشخاب، لا علاقة له بالبحر ولا بالموانئ، ولم يصعد على متن سفينة، وربما لا يجيد السباحة في الشط ولا في الطشت. في الوقت الذي كان العراق يعج بخبراء الملاحة والموانئ، لكن الدولة نفسها كانت تستصغر شأنهم وترى ان التقدم في علوم البحار والمحيطات لن يتحقق إلا على يد فاسكو دي غاما المشخاب، الذي إن حضر لا يُعد، وإن غاب لا يُفتقد. في حين كان المتملقون يفرشون طريقه بالورد، ويعظمون شأنه، ويوهمونه انه الأعلم والأفهم، وانه ماجلان عصره. . (الغريب بالأمر انه لم يكن موظفا في الموانئ ولا في وزارة النقل ولا في أي دائرة حكومية، وانه اختفى فجأة عام 2008، فخرج ولم يعد). .
واحيانا ترى شخصا جمع من الشهادات المزورة ما لا يصدقه العقل، وكل ما يمتلكه من خبرات يقتصر على الكلاوات والفهلوة والتظاهر بالتدين الشكلي والكلام المنمق. مجرد ببغاء بألوان خارجية زاهية، لكنه ظل يتلقى الدعم من قادة الاحزاب حتى يومنا هذا، فيتقافز كما القرود من أدنى إلى أعلى وذلك على الرغم من تباين مهام المواقع التي صار فيها هو الفرعون الأعظم. .
لا نريد استعراض نماذج الشخصيات البليدة التي أنيطت بها المهام الإدارية والوزارية، فقد شهدت معظم مؤسساتنا خروقات واضحة ارتكبها المتحاصصون، الذين كانوا من اقوى الداعمين لمعظم الدمى الكارتونية الغبية، وهذا يعني عدم توفر الحد الادنى من القواعد الإصلاحية، بينما تراهم يتحدثون ليل نهار عن الإصلاح. .
في ديارنا تجري الانتخابات الديمقراطية باسم الشعب، ثم يجد التكنوقراطيون انفسهم خارج التصنيفات الوظيفية العادلة. .
في الختام لدينا خبر جيد وخبر سيء. الجيد اننا لم نمت من القهر. والسيء ان الأغلبية الساحقة ما زالت تتألم لكنها لا تتكلم. .
(وعليمن يا قلب تعتب عليمن هويت وجربت وامنت بيمن). .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط