يابن الحسين إلى مولاي صاحب الزمان “عج”
بقلم : وجيه عباس ..
عيناكَ أم هذا التغرُّبُ أوجعَكْ
وبُكاكَ أم عينٌ تُفجِّرُ أدمعَكْ؟
ويضمُّكَ المعنى فتقطرُ غربةً
وَتُفَرِّقُ المعنى هناكَ لِيجمَعَكْ
الريحُ ثوبُكَ والغيابُ توجُّسٌ
والظلُّ ليس بوسعِهِ أنْ يتبعكْ
كلُّ الجهاتِ توزَّعتْك بلا خُطىً
ولأنتَ وحدُكَ في خطاهُ تَوزَّعََكْ
وحدي وأبحثُ عنكَ بين وجوهِها
فلأنَّ مابي يستفيضُ ليسمَعَكْ
حسبي بما انتظر الزمانُ كأنَّما
مل انتظارَكَ كي تجيء ليتبعَكْ
ولأنتَ أقربُ للوريدِ بما جرى
لكنَّ صوتَك لايقولُ تَوجُّعَكْ
يامالئاً عينَ الزمان بمائِهِ
كلُّ الجذورِ نمتْ إليك لتُطْلِعَكْ
لكنما عقرُ اليراعُ ظِلالَهُ
فأراكَ مُنتَظِراً لمن ياتي مَعَكْ
يابن الحسينِ وللحديثِ غرابةٌ
ألا أراكَ وملءُ صوتي أوجَعَكْ
وأغضُّ طرفي في حضورِكَ إنَّني
بايعتُ كفَّكَ في الغيابِ فأوْدَعَكْ
كُلِّي يقينٌ فيكَ لو غمضَ الدجى
فلأن شمسَكَ لاتفارقُ مَطلعَكْ
ولأنَّت وحدُكَ قائمٌ بعوالمٍ
كفَّرتُ فيكَ من إدَّعاكَ وبضَّعَك
ولإنَّكَ المهديُّ بين إمامةٍ
فسألتُ ظني: كيف لي أن أتبعَكْ؟
يامُبحراً في اليمِّ ألفَ سفينةٍ
لا نوحَ يهديها لمن قد ضيَّعَكْ
متزمِّناً وشراعُ خطوِكَ ركعةٌ
وسجودُها المحرابُ حين تَوقَّعَكْ
هي قِبلةٌ وجَّهتَ وجهَكَ شطرَها
ومضى الزمانُ ودون وجهِكَ شيَّعَكْ
الخلدُ طبعُكَ في التراب حقيقةٌ
فإذا خطوتَ بهِ هناكَ تَطبَّعَكْ
ومشاكَ للأولى بغير قيامةٍ
يا أنت من أخفى القيام فأطلعَكْ
ياجنَّة الآتين ملءُ سمائِهِ
أيُّ الجنانِ ووجهُ ربِّكَ جمَّعَكْ؟
الأنبياءُ جميعُهم صلّوا به
وَمُحَمَّدُ فيهم هداك وَشَيَّعَكْ
يا أيها المذخورُ من ألفٍ مضتْ
وكأنْ سَكنتَ إلى اللبوثِ فأسرَعَكْ
مرَّ الزمانُ على الزمانِ فأنبتتْ
قدماكَ كوناً في الزمانِ فأوسَعَكْ
وكأنْ قطبَكَ إذ يدورُ مع الرحى
لَيعودَ بدءاً حيث توقِفُ إصبَعَكْ
أدري بأنَّكُ كربلاءٌ لم تزلْ
تدنو …وتبعد..تستفيقُ فتُطلِعَكْ
وكَأنَّما سلَّمتَ روحَكَ دونَها
لتراكَ غيرَكَ حين قامَ وودَّعَكْ
خلعتْ أعنَّتها الليالي ظِنَّةً
ولطالما مرَّ الزمانُ فأقطَعَكْ
ولطالما مرّت دهورُكَ بغتةً
لكنَّها لمّا تلامسُ أضلعَك
صورٌ تمرُّ وتنمحي وتعودُ ثانيةٌ
تمرُّ على الزمان لِتَقطَعَكْ
لكنَّ وجهَكَ في المدى مرساتُها
وسفينُها في يَمِّه لن يرفعَكْ
لن يجتليكَ الغيمُ في أنحائِها
فلأنَّ وجهَ اللهِ فيها أبدَعكْ
أبقاكَ نوحاً بين آل مُحَمَّدٍ
وعصاك موسى والمسيحُ تَتبَّعَكْ
ولذا رآك اللهُ أعظمَ آيةٍ
جعل الستورَ من البواطنِ بُرقُعَكْ
يا أيها الباكي عليكَ دماً بها
أجريتَهُ لتقولَ فيها مَدْمعَكْ
إني لأبكي في بُكاكَ لكربلا
مالو تجارى كان دمعُكَ منبَعَكْ
وَكَأنْ خُلقتَ لهُ، تُفرِّقُ بعضَهُ
بين الجفونِ إذا بكيتَ لتوجِعَكْ
قامت على كفّيكَ ألفُ جراحةٍ
وفمُ الجراحِ على الشفاهِ تَوَزَّعَكْ
وعلى الرماحِ يُشالُ جدُّكَ رأسُهُ
ورضيعُهُ بقماطِهِ قد أفزعَكْ
وَأَمرُّها وَجَعاً عباءةُ زينبٍ
وَتَمُدُّ…لكن السوادَ تَقطَّعَكْ
لا انت تملكُ أن تعودَ، ولا الخُطى
تجري بظنِّكَ في الفراتِ فيمنَعَكْ
مابين عينيك الخيامُ توقَّدتْ
وعيالُ جدِّكَ يصرخون لتُسمِعَكْ
وعلى السبايا إذْ تُقادُ ذليلةً
عيدٌ، وعيدُكُمُ السِبا إذْ أركعَكْ
ومتى تُقادُ إلى السِبا عَلَويَّةٌ
ودماءُ أهليها المُضاعةِ ضيَّعَكْ؟
ياصاحب الزمن القديم وإنَّهُ
ليسيرُ قُدماً في الزمانِ ليُرجِعَكْ
ويداك تبتكرانِ كلَّ عجيبةٍ
وكأنَّ معنى الموتِ أن يَتَجرَّعكْ
مرَّ الدعِيُّ ولم تُعرْهُ نظرةً
لكنك استبقيتَ فيهِ مِبضَعَكْ
سيعودُ بالرُجعى إليكَ وحينَها
ستريهُ شارعَكَ الذي قد شرَّعَكْ
ستريهِ أيَّ يدٍ تُمَدُّ ليرتوي
هذا القصاصُ سقايةً لو أترعَكْ
ستعودُ فيكَ بكربلاء غمامةٌ
لو أمطرتكَ تُعيدُ فيها مصرَعَكْ
ستعيدُ رأساً للحسين وتعيد عيناً
للكفيلِ وسهمُهُ قد قطَّعَكْ
وَتُعيدُ ستراً للسماءِ بزينبٍ
وستارُها الكعباتُ يوم تَلفّعَكْ
ورضيعُ جدِّكَ نائمٌ بقماطِهِ
ألا تَمُدَّ هناكَ فيهِ أذرعَكْ
لاتوقظنَّ الجمرَ في ذكواتِهِ
فالجمرُ ليس بوسعه أن يخلَعَكْ
فَأقمْ بها في كربلاء قيامةً
وأَعِدْ على تلك الغرائب مَقْطَعَكْ
لا تحفظنَّ ذمارَهم فهمُ أباحوا
كربلاءَ دمِ الحسينِ وإصبَعَك
حتى الثيابُ تناهبوها دونَهُ
لثلاثةٍ فوقَ الترابِ تَهَجَّعَكْ
تلك الأضاحي ثأرُ روحِكَ أيُّها
القلق السماوي الذي قد أودَعَكْ
كنْ سيفَ ذي الفقّارِ تحطمُ أعظماً
كن أنت في تلك المواجع أنزعَكْ
كنها فلولا وجهك الساقي دماً
فيها لقامَ الحزنُ فيكَ فقطَّعَكْ
أَجِع البطونَ المتخمات ببطنةٍ
لو قام فيها الصولجانُ لَجوَّعَكْ
10-2-2025