قوى الدولة الوطنية ليست شعارا للمتاجرة ..
بقلم : أياد السماوي …
من السهل جدا أن تقول أنا نزيه وشريف ومخلص ووطني وغيور على مصلحة البلاد والعباد وأرفض الفساد , لكن من الصعب جدا أن تضع هذه الشعارات موضع التنفيذ , فالكلام عن الشرف والحرص على مصالح الناس ورفض قوى اللا الدولة الفاسدة شيء والواقع على الأرض شيء آخر مختلف تماما .. فالواقع على الأرض يؤكد أنّ لا وجود لقوى الدولة على الأرض , وقوى اللا الدولة هي التي تدير عجلة السياسة والاقتصاد والأمن والسياسة العامة للدولة .. والحديث عن قوى الدولة يبدأ من النظام السياسي القائم , وتحديدا من فلسفة نظام المكوّنات والتوافقات الحزبية والطائفية الذي سارت عليه العملية السياسية القائمة منذ الإطاحة بالنظام الديكتاتوري .. والذي ينتمي لقوى الدولة الوطنية قولا وفعلا , عليه أن يحدّد موقفه من نظام التوافقات القائم , والإعلان عن موقفه من حكومة الأغلبية السياسية , فمن لا يرفض نظام التوافقات القائم ويرفع شعار حكومة الأغلبية السياسية , عليه أن يصمت ويخرّس ولا يصدّع رؤوسنا .. فأذاننا لم تعد قادرة للاستماع لشعارات ما قبل الانتخابات الفارغة , وكذا عقولنا التي لم تعد أن تصدّق هذا الهراء قبيل كلّ انتخابات نيابية .. فالمعيار الحقيقي لقوى الدولة الحقيقية يبدأ من رفض نظام التوافقات والمحاصصات الذي أوصل البلد لهذا الخانق من الفساد وغياب سلطة الدولة والقانون , والذي يريد الاصطفاف مع قوى الدولة الحقيقية عليه أن يتبّنى شعار حكومة الأغلبية السياسية فكرا ومنهجا وعملا , لأنّ قوى اللا دولة التي تقود البلد تختبئ خلف نظام التوافقات والمحاصصات اللعين الذي أنهك البلد والشعب في آن واحد ..
فالموقف من حكومة الأغلبية السياسية هو المعيار الصادق بين الوطنية واللا وطنية وبين الفساد واللا فساد وبين الإصلاح واللا إصلاح .. وما لم تتشّكل حكومة للأغلبية السياسية , لن يكون هنالك أيّ إصلاح حقيقي للنظام السياسي القائم الفاسد , ومن يريد الإصلاح قولا وفعلا وإنقاذ البلد من محنته , فليصطف من هذه اللحظة في تكتل سياسي وانتخابي يضمن تحقيق الأغلبية المطلقة في مجلس النواب القادم البالغة ( 165 ) مقعدا فأكثر .. وأيّ من الفريقين الذي سيحقق الأغلبية المطلقة , هو الذي يرّشح الرئاسات الثلاث ويشّكل حكومة الأغلبية السياسية , فرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء يجب أن يكونوا جميعا من الفريق الذي سيحقق الأغلبية المطلقة في مجلس النواب .. وعلى الفريق الآخر الذي خسر معركة الأغلبية المطلقة أن يذهب إلى المعارضة السلمية في مجلس النواب , وليس إلى معارضة حرق مؤسسات الدولة وتعطيل الدوام والتهديد بالفوضى .. ومن أهم ما يميّز حكومة الأغلبية السياسية أنّها تستند إلى أغلبية برلمانية مريحة تمّكن الحكومة من تشريع القوانين المعطّلة والتي ستنتشل البلد من براثن ومخلّفات حكومات التوافق الفاسدة , هذا هو المنهج السليم لقوى الدولة الوطنية الحقّة , وبغير هذا المنهج سيبقى البلد راكدا في مستنفع المحاصصات والفساد واللا أمن والفوضى .. وقد آن الأوان لإنقاذ البلد من محنته وتشكيل حكومة منسجمة ومتفاهمة , وإنهاء عهد حكومات التوافق والمحاصصات التي أغرقت البلد في مستنقع الفساد والنهب للمال العام ووضع الرجل غير المناسب في مناصب الدولة العليا .. وكما قال الله جلّ وعلا في كتابه الكريم .. وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ .. صدق الله العلي العظيم ..