بلاويكم نيوز

خرائط اعالي الشرق السياسية

0

بقلم : د. مظهر محمد صالح …

١-آخذت الشعوب ترسم بألوانها المختلفة على صخور الشرق الصلبة وقممهِ العالية لوحة مستقبلها الانتقالي السياسي من فايروس الاحتلال وتسفيه الديمقراطية في الدولة – اللاوطنية بأدوات تطبيق جديدة ربما هي اشد فتكاً عبر التبشير بنظم محلية شديدة التطرف والتشوه واحلال الدولة-القبائلية كنموذج لحركة التحرر الوطني ، وعد القبائلية الأفغانية المغلفة بالتجارات العابرة للحدود وسلوك القبيلة الخيار الاشد وطنية ضد الهجين الاجنبي المصطنع . انها ايديولوجيا العالم الثالث المسكون بالارتدادات الى ولاءات ماضوية لاستعصاء الحاضر في رسم المستقبل. انها ابنية جديدة لأمم لاتعرف معنى تراكم المدنية السياسية واللجوء الى نماذج فتاكة من التراكم الاولي للمجتمعات القبلية في تدهور سلبي نحو النشأة الاجتماعية البدائية لإدارة منظومات سياسية (ترسم وطنيتها) بأدوات مشروطة بالتخلف والماضوية. هذه هي حركة التحرر وأشكالها المتحولة سياسياً في عصور الانغلاق الاجتماعي وتفكك العولمة والتشرذم الاقتصادي على اذرع طريق الافيون واحزمتة.

حقيقة لايخرج الوعي الجمعي السائد افراداً او جماعات او احزاباً (مهما اختلفت
ايديولوجياتهم ) في هذه الضوضاء الديمقراطية الملتبسة عن منطق يتناغم وفكرة القبيلة ، وعده موديلاً مناسباً لأدارة الدولة الديمقراطية التعددية بسلوك اقرب الى (الدولة- القبيلة) او دولة القبائل بدلاً من ( الدولة – الامة ) وتلوينها بالمحاصصات البائسة كانها هي الدولة -الامة في تمثيل ديمقراطي قبلي السلوك والوعي .
انه الموديل السياسي المشوه او القاصر ليساعد في احلال ضعيف لفكرة الدولة الديمقراطية الفضلى التي تكون نتاج وعي جمعي وطني متجانس.
ربما سنبقى نبحث عن السبب الذي يؤدي بالشرق الى الهشاشة الديمقراطية وسيادة روح القبيلة بدلاً من روح الامة ؟ انه وعي جمعي زائف ، ياتي لفقدان روح ومباديء (الطبقة الوسطى ) بكونها الممثل السياسي المتجانس (للدولة-الامة) في حملها المشروع الوطني الشامل للامة ، وفي الطرف الشرقي الاعلى تاتي الصين وهي في خضم تقييم مئويتها الايديولوجية في البحث عن البنية السياسية الفضلى من قلب التصلب الفكري المعتقدي الى معادلة ذكية في تنمية مستدامة ودبلوماسية ديمغرافية هادئة اكثر انفتاحاً غيرت مسار التاريخ في آسيا والعالم .اذ تداركت نفسها في التحول من ادارة بيروقراطيات صنمية جائعة الى شخصية سلطة آمنت بالانفتاح وسلكت درجات نموها الاقتصادي وخطت بيدها واحة تقدمها التكنولوجي لتقبِر الى الابد العقل المتسلط المطلق في ادارة شعب جائع والعيش في واحات الثورة الصناعية الرابعة ، وبهذا انتهت الصين حقاً من مواجهة الاسلحة الامبريالية التي تطلق نيرانها بطلقات (مغلفة بالسكر ) كما كانت تحشد لها الصين في عهد الماوية القديمة لتسويغ عزلتها عن العالم لتبني ازدهارا اقتصاديا تمكنت فيه من نزع السكر من تلك الطلقات ليوزع حلوى على المنتجين دون حروب وهدر الدماء في فضاء اقتصاد سوق كفوء ربما يظل لونه احمر
٢- اما ايران اليوم فأن خرائطها السياسية قد غيرت من قواعد ثباتها . فما كتبتهُ وتنبأتُ بهِ شخصياً في تعقيب على عمود رائع للمفكر السياسي العراقي ابراهيم العبادي عن نتائج انتخابات ايران الرئاسية ذلك في عموده بتاريخ ٢١ حزيران / يونيو ٢٠٢١ ، كي اُسلط الضوء على تلمس انفراط عقد الاصلاحيين إزاء الانقلاب الديمقراطي المحتمل للمتشددين والتحول من صناديق انتخابية ضعيفة الى مطبخ السياسة الهادئة وبناء المستقبل .
حيث ان (رئيسي) هو نقطة التغيير في السياسة الايرانية اذ سيلبس المتشددون في هذه المرحلة بدلة الاصلاح وبسلطة مركزية اقوى في مطبخ الداخل الذي وهن سياسيا وهي بداية الانفراج لثبات النظام الايراني الثيولوجي او الديني بشكل عصري براغماتي او عملي ليمسي الغاية الاولى في بناء مستقبل ايران قبل ان تضيع البلاد نفسها في طموحات امبراطورية مبهمة كلفتها ثمنا باهضاً امتدت عبر الشرق الاوسط والنتيجة ولادة مناطق جائعة وتفكك خطير في جغرافيا المنطقة لاتقوى ايران على مسكها تحت اية مسمى اديولوجي. فايران القوية في اقتصادها وعلاقاتها الدولية هي الغاية الفضلى للمتشددين من ايران الامبريالية المتشددة المحاصرة وممزقة الموارد والسير نحو مجاهيل السياسة الدولية.
فايران الغد المتشددة ستصبح اكثر رفاهية واستقراراً في السياسة الاقليمية والدولية من ايران الامس الاصلاحية المفككة المفاصل.

٣-وفي بلادنا المشرقية (بلاد وادي الرافدين) التي تشهد اضداد الصراع الانتخابي القادم ستنتهي على وفق حالين اثنين من السيناريوهات او المشاهد المتناقضة التي لا تتعداه الحياة الديمقراطية في صناديقها القادمة في تشرين الثاني /اكتوبر ٢٠٢١.

فالسيناريو الاول وهو المشهد التقليدي ، حيث يأخذ الصراع تفرداً ووحدانية في آجاله القصيرة المقبلة
اذا ما نجح التيار التقليدي في تنحية قوى التغيير الديمقراطي واجبارها او اجبار جماهيرها على مقاطعة الانتخابات تحت ضغط اليأس وقوة القنوط ، ومن ثم الاستحواذ على صناديق الاقتراع بقوة و نفوذ التشكيلة السياسية المتنفذة الممتلئة مالاً وسلاحاً. وهو امر لا يجلب في النهاية سوى انحدار في عوامل بناء الدولة الحديثة وعلى وفق تراجعات سياسية مدمرة تنفذ زخمها قوة متحزبة مسيرة تلقائياً نحو صناديق الانتخابات للامساك بالسلطة وتحقيق منافع الحكم (حتى وان كانت المشاركة الانتخابية باعداد محدودة من كوادر الاحزاب ومريديها) التي يتم تحشيدها لهذا الحدث السياسي الكبير .
وبهذا ستنتهي آخر لبنى في البناء الديمقراطي الراهن الى الانحدار والتحول الى دايلكتيك تاريخي فاقد الحركة (سكوني) وفارغ في الوقت نفسه . و عند توافر هكذا آليات سياسية قامعة لابد من ان تهبط العملية السياسية تدريجياً نحو الغموض والتلاشي عبر تراجع خطير في المشهد السياسي .
وعلى العكس يأتي السيناريو الثاني ، اذا ما استطاعت قوى التغيير من الفوز بالحد الادنى المقبول جماهيريا من الاصوات الانتخابية فأن (توازنا داخلياً )في الحياة الديمقراطية سيتحقق لامحالة في بلادنا ويدفع بالعملية السياسية الى افاق اصلاحية (تتبدل بقوة داخل الاحزاب التقليدية نفسها) ذلك بتبني الفلسفة الديمقراطية والاصلاح السياسي ولمصلحة التغير الجماهيري لتمتص النفور الشعبي من تلك الانسجة الغامضة الحزبية الممسكة بالسلطة والتي مازالت تصطف في نسق ديمقراطي فج متهتك ، تلفها المصالح والمنافع التي تتقاسمها كتل تحاصصية مازالت هي الاقوى نفوذاً.
واخيراً ، ادهشني المفكر السياسي العراقي حسين العادلي عندما ارسل مقولته في موضوع ((الدولة)) قائلاً:
(تقوم) الدولة بالغَلَبة، و(تبقى) بالسلطة، و(تستقيم) بالعدل، و(تتسيد) بالقانون، و(تهيمن) بالإلزام، و(تقوى) بالتضامن.
وكانت اجابتي للمفكر العادلي :
اذا كانت (السياسة) تعرف في بنيانها بأنها عِلم (الدولة) فان الامثلية السياسية او الرقي السياسي الامثل لابد ان يعكس تراتبية مبادىء الدولة المثلى او امثلية الدولة بكونها نسق منسجم سواء في ( القيام او النشأة) اوفي (البقاء والديمومة وباداة اسمها السلطة ) حتى يمكن لها ان تستقيم وتتسيد وتهيمن بالتقوى والعدل والقانون والالزام والتضامن. وهكذا تجسد (السياسة) صورتها وتذوب موضوعيا بشكل (الدولة) عبر روابط وثيقة !.
اذ ترتبط (السياسة بالدولة) بدائرة فلسفية تمثل العلاقة بين (العلة والمعلول) وتستظل تلك العلاقة في ديناميات بقاءها باركان ثلاثة هي ، المعرفة والهوية والموقف.
فاذا غابت المعرفة وضاعت الهوية وتدهور الموقف ، كأنما سنكون في دوامة اختزلها المفكر العراقي عقيل الخزعلي بمفارقة نادرة بالقول نصاً : ” الكوكب يُعلن حالة الطوارىء للتلوث البيئي ، ويتغاضى عن الملوثات الاخطر في؛ منظومات التفكير والقيّم والغايات ، لذا ، العالم يموتُ ببطء ويحتاج الى اسعافات عاجلة بفلاتر نوعية”
ختاماً،نحن في سقف الشرق ومركزه ومازلنا نعيش في عالم مضطرب حقا . فالكوكب مستسلم للفكر الهدام وحماقة التصرفات البشرية الى درجة الانفلات احياناً، وهو منشغل في ادارة مناخ سالب يحصد النتائج ويعالج الجراحات بدرجة عالية من الاضطراب دونما تاثير على انماط السلوك او تقويم الاعوجاجات الفكرية والتمسك بالتعاطي الموتور بين بني البشر…فالبراري والسماء والبحار والجميع بحاجة الى نداء انساني يستوحي اصراره في الوجود (بنداء البرية -للكاتب اليساري الامريكي جاك لندن في روايته ١٩٠٣) ليوقف نزيف اللاوعي والتبشير بمستقبل اكثر امناً واقوى سلامًا للبشرية .

(( انتهى))

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط