الحقيقة والنقد — الحلقة الخامسة عشر — ( تتمسكن سونية الفنانة الراقصة وتخضع أولآ ، حتى تتمكن من السياسي المسؤول الفاسد تاليآ وتتأمر )
بقلم : حسن المياح …
التمسكن والهدوء ، والنعومة والإنبطاح في التعامل ، والخضوع والإستجابة بلا مناقشة ، والقبول والرضوخ ، وما الى ذلك من حالات تصنع وإصطناع وصنعة … ، هي من جملة طبائع المجتمع العراقي ، وكذلك مجتمعات العولمة والمدنية والديمقراطية وكل الأنظمة الوضعية البشرية الأخرى ، لما فيه ، وفيها ، من عادات وطبائع وقيم بداوة ، وتحضر ينشد مدنية السلوك التي تتوافق مع ما في العصر من مودات وطرازات وأنمذجة تعامل ومعايشة وتخلق سلوك …. وسونية سليم الراقصة لا تعدو عن أكثر من كونها بشرآ إنسانآ ، ولا بد لها من خلق تعتمد عليها تكونها أو تتصنعها منفعة ذات حاكمة لازمة ، وتسلك على هديها ، بما فيها من تقمصات حالات قد لا تكون من جنس عاداتها وتطبعها وطبيعتها ، ولكنها تتوسلها لتحقق بغيتها ، مهما ما يكلفها هذا التصرف من أثمان باهضة مؤلمة موجعة ، وكل حسب الأناء الذي هو فيه ، ومنه …..
هذه السجية ، وهذا التخلق ، ليس غريبين ؛ وآنما هما متداولان ، ومباشران تدشين سلوك ومزاولة تصرف في واقع الحياة الإجتماعية … وسونية مضطرة لسلوك هذه السجية وهذا التصرف في بداية آعلان وسلوك شروع إنطلاقها بالرغم ما لها من موهبة مهنة ، وإصطناع تعود حرفة ، وخلق جو عمل منه تكسب وتشتهر وتكون ، مهما كانت الوسائل المستخدمة ، وهي لا تختلف عن السياسي المسؤول الفاسد خلقة طبيعة سلوك ، ولا إنسجام ماهية تصرف ، أن يتخذ من الطريقة المكيافيلية سلوك تدرج تحصيل منافع بالرغم من السوالب المنقصة من حشمة الوجود الإنساني المهذب الكريم ، ومن رافق القوم أربعين يومآ — كما يقول المثل العراقي الدارج المستعمل بكثافة وإنتشار — صار مثلهم ، بمعنى أنه يكتسب صفات أخلاقهم ، ونعوت سلوكياتها وتصرفاتها ، ويدرجها في قاموس سلوكه لما يريد أن يحقق المآرب التي يتطلع اليها ، ويريدها ويرغبها ….. ولا ننسى علاقة الرفقة والصحبة والعشرة ، ولا نغفل عن الملاطفة والمودة المنفعية والمحبة المصلحية التي تجمع سونية سليم الراقصة والسياسي المسؤول الفاسد المنحرف …..
بعد كل هذه التنازلات التي تقدمها سونية الراقصة الرمز — “” وهي لا تقرها ولا تحترمها في داخل نفسها ، ولا في قرارة تعقلها ؛ لكنها تتوسلها لأنها تتصورها أنها الطريق الوحيد الأقصر والأقرب والأسهل الذي يوصلها لما تريد وتطلب وتحتاج وتريد أن تكون “” — للسياسي المسؤول الفاسد عبدالحميد رأفت ، التي هي عبارة عن بداية نقطة شروع لتثبيت وضع حال غاش خادع ، ينتج منافعآ عاجلة مؤكدة ، ويخلق جو تطمين للمسؤول الغبي المستهتر الشغوف ، ستر وقاية وغطاء تحصيل نهم نهب وسرقات وإستيلاءات آمن ، لما هي عليه سونية الراقصة من تصرفات سلب ، وواقع حال وجود محتاج منخفض قابل …. وهذه هي وضاعة المذهب المكيافيلي في التعامل والسلوك ، حيث أنه يضحي بالأثمان الغالية الرفيعة السامية مقابل الحصول على إنخفاضات رغبة ، وتسافلات شهوة ، وإنحطاطات مكاسب عاجلة زائلة ….
ولكن سونية الراقصة الماكرة اللعوب — كما هي السياسية المرأة الحسناء الجميلة الجاذبة ، الشيطانة الساحرة اللهلوبة ، المتلونة المرحة اللعوبة الشلولو المتقلبة — حاذقة الفكر في التصرف ، وصابرة الحال متأنية السلوك في قطف الثمار ، داهية التصنع في التعامل الناعم الذي يبعث على الكسل العقلي للمسؤول ، والتجميد الذهني للسياسي ، والتراخي الهابل الغافل المتحجر لمعة إبداع تفكير عند الفاسد المنحرف ، الذي جعل من نفسه دكتاتورية قيادة حاكمية طغيان ، وتفرعن متسلط وحش مفترس ناهب سارق شجاع هيلمان ، يسوس شعبآ ويسومهم العسف والخسف والظلم والهلاك ، وهو الحالم المنتفخ المتورم الوسنان النعسان …… ويظن تظاهرآ — وهو في قرارة نفسه يعلم حقيقة وجوده اللامسؤول صيانة حسن تكليف ، وصنع واجب مقدر محترم ، وأنه المنحرف المجرم الظالم الفاسد — ويبدي نفسه للشعب أنه الراعي الحفيظ للرعية المسؤولية المكلفها صيانة قيادة ، وحسن صنع رعاية … وأنه المحافظ الأمثل الأوحد ، وأنه الصائن النزيه النجيب الأمجد ، وهو في حقيقة حاله أنه مثل الديك الذي يطلق صراخه بعنفوان وإفتخار ، وعنجهية بخلو وإبتسار ، وهو في ذل مستنقعات القاذورات والرذالة ، والنجاسة العفن والزبالة ، المذهبة لكرامة وجود وعز خلق قويم رفيع بنبالة ، لما هو عليه الإنسان العزيز قيادة ومسؤولية ، والكريم وجود إنساني قويم وتعامل نزيه شريف عفيف ، والمستقيم أخلاقآ وتصرفات …… وأنها ( أي سونية ) قد حققت وجودها الفارض المتمكن ، بعد بذل جهد اللؤيا ، وصبر اللا ، ومكابدة تحمل ما لا يحتمل ويتحمل ، ولكن الرغائب النارية الثورية حاكمة ، والشهوات الطليقة العارمة لازمة ، لما تريد أن تحصل على بغيتها ، وتقضي منها وطرها ….
وهكذا أصبحت سونية الراقصة الرمز التي هي ربما ( وهذا ممكن الوقوع ، وغالبآ ما يكون تمامه ) ترمز الى شركة منسية بليدة ، سيئة السمعة متقاعسة ، سخيفة مؤبوءة ، مدانة مطلوبة ، فقيرة خواء ، ….. فتدرج حالها على الطريقة المكيافيلية مثل سونية على السواء …. فتكون الأجدر الرصينة ، المتمكنة الناهضة ، المقتدرة العالمية ، كما يصفها المسؤول السياسي الفاسد المتبول ، المنحرف نهب ثروات شعب أؤتمن عليه مسؤولية تكليف عامل موظف إدارة أمور ، لا سلطانآ مالكآ ، ولا حاكمآ طاغية مجرمآ متفردآ ، ولا متفرعنآ سفيهآ متصرفآ وفق شهواته ورغائبه ، ومزاجه المنحرف وسجيته الوضيعة المجرمة الناهبة اللاغفة السارقة المصادرة لحقوق الآخرين من الشعب المحروم المظلوم المألوم ، الكابح جماح المطالبة بثأره ، والسؤال عن ثرواته وممتلكاته المنهوبة المغتصبة ، التي سرقها السياسي الظالم المتبول ، المسؤول المنحرف الفاسد عبدالحميد رأفت وضح النهار ، وفي عز إشراقة الشمس في يوم صيف عراقي قائظ ، صاف خال من الغيوم … …..
نعم تمسكنت سونية الراقصة في بداية نقطة إنطلاق شروعها ذليلة خفيضة ، سافلة هابطة ، وضيعة مخذولة ، قابلة راضية ، ساعية شغوفة ، لتحقيق ما ترنو اليه من مستقبل حياة حيوان سأئب مفترس ، بما له من غريزة توحش ممزق ثاقب ، يقطع أمعاء من تمكنه منه سلطان حاكم ناقم ، الذي هو الفريسة السمينة المتوفرة اللحم الدسمة ، ذات الثروات والممتلكات ، والخزائن والموجودات …..
حسن المياح – البصرة .