افتتاحية جريدة الحقيقة .. صباح الخير دولة الرئيس.. صباح الخير عريف وليد !
بقلم : فالح حسون الدراجي …
لا أعتقد أن الصباح جميل لمجرد أن خيوط الشمس تلمع في سمائه، أو لأن فجره يستحم بشلالات الضوء الباهرة فحسب، ولا لأن قطرات الندى تتلألأ في الحقول، والورد ينثر عبقه في الصباح على العابرين نحو محطات الحياة والجمال والبهجة
- ومع أنّ هذا جميل جداً – لكني أظن أيضاً أن الصباح لا يكتمل بهاؤه وجنون روعته دون أن تتعطر مسامات روحك قبل أذنيك، بآيات من سحر الجمال القرآني الأخاذ، وتحديداً من صوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد !
ولا أظن أيضاً أن الصباح سيكون صباحاً دون أن تجمله إنسانياً ووجدانياً ببعضٍ من شذى القديسة فيروز، إذ من سيوقظ النهار من نومته غير صوتها الملائكي، ومن سيبلل أغصان الروح غير مطرها النازل من غيمة خضراء قابعة في الركن السماوي المستحيل؟..
إذن، بات لدينا صوتان مهمان يرتلان الصباح والحب والجمال والسلام.. صوتا عبد الباسط وفيروز، فماذا ينقص الصباح غيرهما ليكون صباحاً بهياً وباهراً ؟
الجواب: لا شيء ينقصه غير تحية الصباح .. نعم، فالصباح مثلث يتأسس على أضلاع ثلاثة: ترتيل عبد الباسط، وتغريد فيروز : و(صباح الخير )!
فهل هناك أجمل من صباح الخير- حتى لو قيلت بكل لغات البشرية؟
صباح الخير، هما كلمتان لا أكثر، لكنهما أكبر من أبجدية اللغة، وأحلى من (بحيرة بجع چايكوفسكي) وأعمق من كل سمفونيات بتهوفن.
وقطعاً فإني لا أرى سحراً مثل سحر تحية الصباح، ولم أسمع عزفاً أروع من موسيقى هاتين الكلمتين ..
ولأننا لم نعد اليوم في بقعة واحدة، أو في مكان عمل واحد، لنلقي على بعضنا تحية الصباح، بخاصة القريبين من قلوبنا والبعيدين عن عيوننا.
ولأن التقدم البشري اختصر لنا الكثير من مساحات الزمان والمكان، فجعلنا قرب بعضنا بالصوت والصورة معاً، حتى لو كانت بيننا قارات سبع!
ومادام الأمر كذلك، فقد أصبحنا نصبح ونمسي على أحبتنا كلما أردنا ذلك. فكانت كلمتا (صباح الخير) جسراً من الياسمين والقرنفل نمده كل يوم بيننا وبين أحبتنا البعيدين مكاناً، والقريبين وجداناً .. ولأني متيقن من جدوى هاتين الكلمتين، ومن سحر تأثيرهما، صرت كل صباح أرسلهما الى أحبتي وأهلي وأصدقائي وزملائي، بل أحاول قدر الإمكان أن أسبقهم بإرسال ورد الصباح عبر باقة حب عطرة، قبل أن يستيقظوا، وطبعاً فإني لا أفرق في ارسالهما بين كبير وصغير، ولا بين وزير وخفير، فالصباح حين يحط باجنحته الملونة على بساتين الكرادة وحدائق الأعظمية وقصور المنصور فهو يحط أيضاً بالتوقيت ذاته والروعة ذاتها على بيوت الصفائح، وصرائف الطين، وكرفانات الحواسم في حي طارق، ومنطقة الرشاد، والحسينية، وغيرها من مناطق البؤس والحرمان..
نعم، فالصباح برأيي العاطفي ( إشتراكي) قبل ماركس وإنجلز ولينين الخالد..
ومن يفتش في تلفوني، لاسيما تطبيق (واتساب)، سيجد ثمة رسائل معطرة بكلمتي (صباح الخير) مرسلة مني الى عشرات إن لم أقل المئات من أهلي وأصحابي وزملائي والى الذين اعرفهم جميعاً، هي تحية ومودة وسلام وتواصل .. وقد يفاجأ من يبحث في تلفوني، حين يجد اني ارسل صباحات الخير والود والورد كل يوم الى أشخاص كبار في السن، وفتيان يافعين ايضاً، دون أن ( أستنكف ) من ذلك، حتى اني ارسل كل يوم تحية الصباح الى ابن شقيقي الشاب، رغم اني أسميت أباه حين ولدته أمي، وطلبت مني – رحمها الله – أن أختار له اسماً، فاخترت له اسمه الذي يحمله الآن!
كما أرسل تحيات الصباح الى أشخاص لا يتوقعون يوماً أني سأرسلها لهم قط – لأسباب مختلفة طبعاً -!
نعم، أرسل تحية الصباح الوردية كل يوم، الى رجال ونساء وشباب مختلفين، وحين أرسلها، وأتلقى جواباً وردياً منهم، أشعر بسعادتين: سعادة التواصل مع أهلي وأحبتي، وسعادة الطمأنينة باني لم أزل نابضاً بالحياة، ومسجلاً على قيد الإنسانية.
واعتقد ان موبايلي المكتنز بتحيات الصباح اليومية والمختلفة، كفيل بأن يشهد لي (مادياً) أني كنت ولم أزل على قيد العراق، وهذا ما يفرح ويطرب قلبي فخراً وسعادة..
ولعل المدهش الجميل في هذا الأمر، أن تحياتي الصباحية تذهب وتصل الى رئيس الوزراء (أبو هيا) مثلما تذهب مباشرة في الترتيب الى صديقي العريف وليد ( أبو سجاد) وطبعاً، فإن كليهما يتلقى مني التحية نفسها والود نفسه، وبالكلمتين ذاتهما أيضاً، دون أي فرق بينهما!
ألم أقل لكم أن الصباح (إشتراكي)، بل هو عندي (أبو الإشتراكية وعمّها)؟