الدستور ليس حبرا على ورق ..
بقلم : أياد السماوي …
أحد ضحايا لجنة القتل والتعذيب والابتزاز , لجنة الأمر الديواني 29 التي ألغتها المحكمة الاتحادية العليا في قرارها التاريخي ( 169 / اتحادية / 2021 ) .. توّجه لي بهذا السؤال , وماذا بشأن الأحكام القضائية التي صدرت بحق بعض المحالين إلى هذه اللجنة بناءا على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب الوحشي والتهديد باغتصاب أعراضهم ؟ وماذا بشأن الأحكام التي تمّت المصادقة على البعض منها في محكمة التمييز الاتحادية ؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال المهم جدا , لا بدّ للرأي العام والشعب العراقي أن يعلم أنّ جريمة التعذيب هي من الجرائم ضدّ الإنسانية وأنّ المادة ( 37 / أولا / ج ) من الدستور العراقي قد نصّت على (يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون) .. فتحريم الدستور لجميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية , هو تحريم مطلق وقطعي , ولا عبرة بأي اعتراف قد انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب .. وكان من المفترض على السادة القضاة الذين أصدروا هذه الأحكام الجائرة أن يتيّقنوا من صحّة هذه الاعترافات ويركنوا إلى أنها لم تنتزع من خلال التعذيب , خصوصا أنّ جميع المتّهمين وبدون استثناء قد أفادوا أنّ هذه الاعترافات التي أدلوا بها قد انتزعت منهم تحت التعذيب الوحشي والتهديد باغتصاب أعراضهم ولا صحّة لها اطلاقا , وكان من المفترض أيضا على هؤلاء القضاة الذين ركنوا للسلطة الغاشمة أن يقفوا عند تقرير اللجنة النيابية المشتركة رقم (148) , التي أصدرت تقريرها وأكدّت على حصول عمليات تعذيب وحشي وانتهاك خطير للقانون والدستور .. وكان من المفترض على هؤلاء القضاة الذين ركنوا للحاكم الظالم وأصدروا هذه الأحكام الجائرة أن يكّفروا عن خطيئتهم أمام الله والشعب والقسم الذي أقسموه وأمام أنفسهم وضمائرهم , ويعلنوا للشعب والرأي العام أنّهم قد اخطأوا بإصدار هذه الأحكام ..
وقرار المحكمة الاتحادية رقم ( 169 / اتحادية / 2021 ) , هو قرار بات وملزم للسلطات كافة , بما فيها السلطة القضائية , وبما أنّ السلطة القضائية الاتحادية تتكوّن من المحاكم العراقية ومحكمة التمييز وهيئة الإشراف القضائي وجهاز الادعاء العام العام .. فقرارات المحكمة الاتحادية سارية وملزمة لها .. وبهذا يكون القضاء العراقي ملزما بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية وإعادة النظر فورا بكافة الأحكام التي صدرت من المحاكم العراقية بناء على الاعترافات والتقارير التي قدّمت لها من قبل لجنة الأمر الديواني رقم 29 , وإلغاء كافة الإجراءات الأدارية التي قامت بها اللجنة بحق الشركات والأفراد المحالين إلى هذه اللجنة .. فهل من العدالة والإنصاف أن يبقى هؤلاء المعتقلين والمحكومين رهن السجن والاعتقال حتى زوال حكومة الكاظمي كي يتشّجع القضاء بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية وإزالة كافة آثار لجنة أبو رغيف سيئة الصيت والسمعة ؟؟ وماذا لو أنّ الحكومة الجديدة قد تأخرّ تشكيلها لبضعة أشهر قادمة ؟ فهل سيبقى هؤلاء المظلومين في السجون والمعتقلات ؟؟ أتمنى على مجلس القضاء الأعلى العمل بأسرع ما يمكن وقبل حلول شهر رمضان المبارك بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا , وإرجاع هؤلاء المحكومين ظلما إلى عوائلهم قبل حلول الشهر الفضيل لتكتحل أعين زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم .. نزولا عند مبادئ الحق والعدل والإنصاف , وإنصافا لمظلوميتهم .. ختاما لا بدّ من التذكير بقول الله تبارك وتعالى .. وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ .. صدق الله العلي العظيم
أياد السماوي
في 21 / 03 / 2021