[ صنمية الطغيان الحاكم في العراق ]
بقلم : حسن المياح …
وكيفية التعامل معه ومعها …
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر الواعي الثائر 》
— الحلقة الحادية عشرة —
- عرض نماذج تفسيرية جزئية للنهضة والثورة والتضحية الحسينية *
لو إستخدم المفكرون والكتاب والمحللون الدليل البرهاني الإستنباطي في دراستهم وتحليلهم لنهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين عليه السلام ، لكان أسلم وأصلح وأصح لهم ، ولساروا في إستنتاجهم الإستنباطي من العام ( الكبرى الكلية ) التي هي السبب الجوهري الأساس الأعمق ، الذي هو《 تحقيق وتمكين حاكمية عقيدة لا إله إلا الله على الأرض ، وبين الناس 》، وجعلوها الأساس والإرتكاز الذي منه ينطلقون ، ليستنبطوا — من خلال سيرهم الإستدلالي الإستنباطي — النتيجة ، بالسير الى الخاص ( الصغرى الجزئية ) التي هي النهضة والثورة والتضحية الحسينية ، لوجدوها ، تصرفآ معقولآ واجبآ حكيمآ ، وأنها السلوك الإيماني الجهادي التضحوي الواجب المفروغ منه تأدية لازمة ، من أجل سبب أكبر أعظم ، الذي يوجب تقديم المهم تضحية من أجل سمو وجود وبقاء وعلاء الأهم ، وهو رفرفة سلطان حاكمية عقيدة لا إله إلا الله في عالم الوجود والتكوين والخلق ….. ولم يستكثروا تضحية الإمام المعصوم الحسين عليه السلام بنفسه وأهله وأصحابه وأنصاره ، ولعلموا أن هذه التضحية هو ماء طيب نقي زلال ، ما وجد إلا لسقاء نبات عام شامل غذاء ، هو حاكمية عقيدة لا إله إلا الله ……
ولكنهم لم يوفقوا الى ذلك ، بالرغم من كل ما إستفرغوه وتوسلوه من تفكيرهم ، وجميع جهودهم ، بالتركيز على ما هو جزئي صغير قليل على أنه هو الكلي الكبير الكثير ، ولذلك لم تكن كل محاولات دراساتهم الكثيرة المستفيضة ، وإستهلاكاتهم التفكيرية والتأملية الكثيفة ، وجهودهم الحثيثة الطيبة الصادقة ….. ، هي المجهر الدقيق الذي يكشف بودقة وخزانة ماهية التفسير الحقيقي الشامل الجوهري الأساس الأعمق ، لما هو السبب الذي من أجله الإمام الحسين نهض وثار وضحى ، وكان هو القربان المقدم …. ولذلك كان — ودائمآ هو يكون — الجزئي يصغر ويتضاءل ، وربما يتلاشى ، مقارنة مع ما هو كبير وعظيم وفخم جسيم …… وعلى هذا الأساس هم — لما تورطوا — يستكثرون التضحية الحسينية — وهي الكبيرة الكثيرة العظيمة الفخمة ( ونحن نقرهم على ذلك ونطابقهم القول فيه ) — أزاء ما هو سبب جزئي من مثل رسائل أهل الكوفة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما الى ذلك من أسباب جزئية ( ما هو سبب جزئي يفسر قيام الحسين بثورته ، وهذا ما ستناوله الآن وبعد ) إعتمدته النهضة والثورة وكانت على أساسها التضحية الحسينية ….. والتي ينعتنوها مرة بالإنتحار ، وأخرى بإلقاء النفس بالتهلكة ، وثالثة بالتهور ، ورابعة بالإستهتار ، وما الى ذلك …… وحاشا الإمام المعصوم الواعي النبه المنفتح الذهن والتفكير الحسين عليه السلام من كل ذلك ، وهو البريء منه حسن صنع تفكير ووعي وتصرف ، والمبرء منه بسلوك خط إستقامة على خطى تشريعات دين الإسلام ……
ونموذج من هذه النماذج التفسيرية الجزئية للنهضة والثورة والتضحية الحسينية ، هي رسائل أهل الكوفة التي أرسلوها وأوفدوها الى الإمام الحسين ، وهو بعد في مدينة جده ، قبل وفي موسم الحج ، الذي قطعه الإمام الحسين ، ولم يكمل تأدية مراسيم وواجبات فريضة الحج ، لما هو فيه من موقف عظيم خطير ، لو يكمل التأدية لأعمال فريضة الحج ، لقتلوه وحوش جنود يزيد ، وهو الذي يطوف بالكعبة ، ويسعى بين الصفى والمروة ، ويرمي إبليس الشيطان بالحجر ، والمنشغل بتأدية أعمال الحج في بيت الله الحرام ، الذي لا يرعون اليه ، إلآ ، ولا ذمة ، ولا حرمة ، ولا إحترامآ ، لما هم عليه من تربية ديانة أوثان الجاهلية والأصنام …….
نعم ، ولا شك في العدد الكثير الكثيف من رسائل أهل الكوفة — بما فيها من بعض زعماءها ، ومن بعض شيوخ العشائر الذين كانوا يسكنون ويعيشون ويتواجدون فيها ، وأن الآمام الحسين قد إستلمها ، وقرأها ، وفهم ما فيها …… ولكن ، وبالرغم من كل ما فيها من تحفيز وتشجيع وإهتمام قدوم الى الكوفة للقيام بثورة ضد يزيد وحكمه الأموي المنحرف الفاجر ……. إلا أن هذه الرسائل لا تتجاوز أن تكون أكثر من إلقاء حجة على الإمام ، أن يضعها في مأخذ الجد والعناية وأداء التكليف ، وهي ليست السبب الجوهري الأساس الأعمق لما هي نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين ، وذلك لأن الإمام الحسين عالم عارف بتكليفه الشرعي ، وهو المنفذه ، والناهض به ، والثائر على أساسه ، منذ كان يعلم ويعرف من هو يزيد ، ومن هو أبوه معاوية الذي فرض على الإمام الحسين أن يقبل ، ويعقد ، ويسلم ، بالبيعة ليزيد ، ليصبح ويكون خليفة من بعده ( أي من بعد معاوية بن أبي سفيان ) على المسلمين ….. ، وهو الإمام الحسين الرافضها رفضآ قاطعآ ، والمنكرها عدل إستقامة لأنها الإنحراف المجرم الصارخ المكشوف الواضح عما هي خط إستقامة عقيدة لا إله إلا الله ….. فالرسائل لم تكن أكثر من إلقاء حجة من قبل المرسل على من أرسلت اليه ، وهي نوع من الدفع المشجع لما هي نهضة وثورة وتضحية …. ، وكانها الإمام الحسين بتمامها وكمالها إستجابة…. ؛ ولم يكونوها تنفيذآ الأعم الأغلب منهم الذين هم الراسلوها والمرسلوها والمأكدون عليها ، لما حضر الإمام الحسين وجودآ حيآ واقعيآ ناهضآ ثائرآ مضحيآ في أوساطهم ، وبين ظهرانيهم …..؟؟؟ !!!
وليرسخ في كل الأذهان ، أن الرفض الحسيني لما هي حكومة يزيد الكفر والظلم ، والإنحراف والفسوق ، والإستهتار المتجريء الفاضح المعلن الواضح لما هي عقيدة لا إله إلا الله في الحاكمية وإنبساط اليد ، والضرب بأساسيات الدين الإسلامي بعرض الحائط وإمتداداته ، وإحتقارها ، ومنع العمل على أساسها وبموجبها ، وما الى ذلك من أساسيات ومباديء وأصول الإسلام ….. هو سابق لكل ما هو سبب جزئي ، أن يكون السبب الجوهري الأساس الأعمق — الذي هو《 تحقيق وتمكين عقيدة لا إله إلا الله 》— الذي يقولون به ، وعليه يركزون ويبنون ….. وما رسائل أهل الكوفة بكلها وجميعها ، إلا ذلك النموذج الجزئي التفسير من تلك النماذج الجزئية التفسير التي هم يذكرون ، وعلى أساسها يفسرون نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين عليه السلام …..
والإمام الحسين المؤمن الرسالي الواعي الحر المنفتح القائد السياسي المحنك يحسن صنع التعامل السلمي المرن لما يتطلب الأمر التحاور السلمي الموصل الى نتيجة رسالية مهمة ، والمؤدي الى حل لين وتسامح والمؤدي للغاية الرسالية التي يجب أن تكون ، وهو المحسن الصنع كذلك تعاملآ لما يفرض عليه العنف والقتال ، أن يعنف ويقاتل ، ويثبت ويجاهد ، الى أن تكون كلمة الله هي العليا ، وكل الكلمات الأخرى مهما تزركشت ، وتبرقعت ، وتورمت ، وإنتفخت ، وإنتفشت ، وهي الباطلة والباطل ، أن تكون السفلى ، ولا قيمة لها …..
قالوا ( أهل الكوفة ) له في رسائلهم — والأغلب الأعم منهم كاذبون ، وأنهم يظنون أنهم يخدعون الإمام الحسين ، ويغشون ، وما دروا أن حالهم معلوم للإمام الحسين ، وأنهم المنكشفون ، وزاد الطينة بلة ، لما أخبر الشاعر الفرزدق الإمام الحسين حين سأله عن أهل الكوفة وما حالها وحالهم ، وأجابه ب ( أن قلوبهم معك ، ولكن سيوفهم عليك ) ، وكان محور رءائلهم يدور على أنه : { فقد إخضر الجناة ، وأينعت الثمار ، وأعشبت الأرض ، وأورقت الأشجار . فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة } ، والأمام الحسين قد إهتم بها ، ووضعها من ضمن مسؤوليته وإعتناءه وإهتمامه ، ولا يمكنه الرفض لها ، لأن صاحب الرسالة ، وقائد الثورة ، لا يملك حق الرفض عندما تقوم عليه الحجة ، ولو شكلآ وظاهرآ ، لما لها من قبول توسل واقعي للمواجهة ، وحتى لو أنه عرف خذلانهم ، وأنهم إنقلبوا عما كانوا عليه حينما راسلوه ، وألقوا عليه الحجة ، وهو الملزم بتأدية الواجب ، وعليه أن يقابل المثل بالمثل ، ويلقي الحجة عليهم ، كما ألقوها عليه …… فثبت هو … وهم المنهزمون الجبناء الفارون …… ؟؟؟ !!!
حسن المياح – البصرة .