الممر الهندي المتوسطي للنقل العابر
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
وقعت بيدي منذ مدة دراسة جدوى أعدها الخبير الدولي البروفسور مايكل تانشوم (MICHAËL TANCHUM) لتقييم فاعلية الطريق (البحري – البري) الذي يربط الهند بأوروبا مروراً بالإمارات والسعودية والاردن وفلسطين واليونان. ويمثل التحول النموذجي في الارتباط الاستراتيجي بين آسيا وأوروبا. .
الدراسة مؤلفة من 52 صفحة بقياس A4، وتحمل عنوان (INDIA S ARAB – MEDITERRANEAN CORRIDOR) وبإمكانكم الحصول على نسخة مجانية منها بصيغة PDF من الشبكة الدولية. .
والمؤلف من كبار اساتذة العلاقات الدولية في جامعة نافارا بإسبانيا، وزميل أقدم في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية، ومن خبراء المشاريع الاستراتيجية الناشئة بين جنوب آسيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. وهو أيضاً زميل غير مقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة. ومن مستشاري مركز تنفيذ السياسات الإستراتيجية بجامعة باشكنت في أنقرة، تركيا (Başkent-SAM). .
ترى الدراسة ان الممر الهندي العربي المتوسطي (العربي المتوسطي) المتصل بأوروبا من الممرات التجارية الناشئة. وهو ممر متعدد الوسائط، يمكنه إعادة تشكيل أنماط التجارة بشكل جذري بين منطقة المحيط الهندي، والشرق الأوسط وأوروبا، من خلال إنشاء حلقات متعاقبة من الارتباط التجاري تمتد على الحافة الجنوبية لأوراسيا، من ساحل الهند على بحر العرب، إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي لليونان. .
يشكل هذا الارتباط الجديد بالنسبة للهند نقلة نوعية استراتيجية ذات نتائج جيوسياسية مثمرة، من المؤمل ان تسهم باعادة تفعيل دورها في النظام الاقتصادي الأوراسيوي. .
ولدت فكرة الترابط البحري والسككي عام 2020 في ظل الرؤية الامارتية الجادة نحو إنشاء شبكة سكك حديدية بينها وبين القارة العجوز عبر المملكة العربية السعودية والأردن مع ميناء حيفا الإسرائيلي. ومن ثم الانتقال عبر البحر الأبيض المتوسط من ميناء حيفا إلى ميناء بيرايوس في اليونان. .
وبالتالي فان البضاعة التي سوف تشحنها الموانئ الهندية ستصل مباشرة إلى موانئ الإمارات، ثم تنتقل منها إلى الأسواق الرئيسية ومراكز التصنيع في أوروبا في أقل من 10 أيام، أي أسرع بنسبة 40% من الطريق البحري لقناة السويس. .
إن قدرة الهند على التحول إلى منصة عالمية في صياغة هذا الهيكل التجاري للقرن الحادي والعشرين يعتمد على سعيها نحو تطوير سلاسل التوريد في الممر العربي المتوسطي الذي يمتد من شبه القارة الهندية إلى أوروبا. .
ويظهر جلياً من التحليل الوارد في هذه الدراسة أن الاهتمام الجاد لحكومات الهند والإمارات والسعودية وإسرائيل واليونان، وسعيها نحو تطوير طرق النقل العابر سوف يوفر لها إطاراً شاملاً للتعاون في القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية، وبما يخلق الفرص الذهبية لشراكات متعددة الأطراف في معظم القطاعات الإنتاجية. وسوف يصبح هذا الممر هو الجسر الحيوي لتسهيل عمليات النقل بين البلدان الخمسة. .
في ضوء ما تقدم فان الموانئ العراقية ستكون في طليعة المتضررين بسبب استبعادها من هذا المشروع نتيجة الحملات الرافضة لجميع مشاريع النقل الدولي العابر مع أي دولة من دول الجوار، من دون ان تتدخل وزارة التخطيط لانتشال العراق من الضغوط المحلية التي فرضت علينا الحصار الاقتصادي. وحولت العراق إلى دولة مغلقة ومستبعدة ومتقوقعة على نفسها. .