المقالات

بيان نعي للمرحوم شط العرب

بقلم المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

بسم الله الرحمن الرحيم
ببالغ الحزن والأسى ننعى إليكم المرحوم شط العرب الابن البكر لنهري دجلة و الفرات
بعد صراعٍ طويلٍ ومريرٍ مع أمراضٍ فتّاكة نهشت جسده النقي الطاهر وأهمها
ارتفاعٌ قاتلٌ في نسبة الملوحة
جفافٌ مزمنٌ في المروءة الوطنية
شُحٌّ في الإطلاقات المائية
وتجاوزٌ سافرٌ على حقوقه من قبل ذوي القربى
رُميت في أحضانه المجاري الثقيلة
وغُرست في خاصرته نفايات المصانع
وقُدّمت إليه السموم في صمتٍ مريب
من المستشفيات ومحطات الكهرباء وأرصفة النفط.
نُكّل به من أقرب الناس إليه… من بني جلدته.
وفي طريقه إلى مثواه الأخير
يُجرّ والداه دجلة و الفرات إلى ذات المصير…
جفافٌ بعد وفاء
وخذلانٌ بعد عطاء
وتعطيشٌ متعمَّدٌ بسدودٍ عابثةٍ على رؤوس الجبال
وعقوقٌ لم يشهده التاريخ في أي حضارة عرفتها البشرية.

أيُّ ألمٍ هذا؟
أيُّ وجعٍ يسكن أرواحنا ونحن نودّع من أنشأ حضارتنا
وسقى أرضنا وعلّمنا الزراعة والكتابة والحياة؟
أيُّ عارٍ هذا ونحن ندفن أنهارنا بأيدينا
ونوزّع أسباب موتهم بين فسادٍ داخلي وجشعٍ خارجي وتواطؤٍ مخزٍ ؟؟
بعد سبعة آلاف عام من الإخلاص
نُشيّعهم اليوم دون وردٍ ولا تأبين
دون بكاءٍ صادقٍ من أمةٍ كانت في يومٍ من الأيام منارةً في الأرض
المؤلم أن شعوب الأرض بأسرها
تعيش أمانًا مائياً يفوق حاجتها
دون أن تمتلك نهراً أو جدول
بينما العراق… صاحب أعظم نهرين في التاريخ
يغرق في العطش و يحتضر على مرأى الجميع.
فوداعًا يا شط العرب
وداعًا يا ابن دجلة والفرات
سلامٌ عليك في مثواك الأخير

سلامٌ على العظماء
شط العرب و دجلة و الفرات
و على ما تبقى من ضميرٍ
لا حول ولا قوة إلا بالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى